للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَابُ الشُّفْعَةِ] [الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي وُجُوبُ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ]

ِ وَالنَّظَرُ فِي الشُّفْعَةِ أَوَّلًا في قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: فِي تَصْحِيحِ هَذَا الْحُكْمِ، وَفِي أَرْكَانِهِ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: فِي أَحْكَامِهِ.

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ. فَأَمَّا وُجُوبُ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ: فَالْمُسْلِمُونَ مُتَّفِقُونَ عَلَيْهِ، لِمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ، إِلَّا مَا يُتَأَمَّلُ عَلَى مَنْ لَا يَرَى بَيْعَ الشِّقْصِ الْمُشَاعِ. وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: الشَّافِعُ، وَالْمَشْفُوعُ عَلَيْهِ، وَالْمَشْفُوعُ فِيهِ، وَصِفَةُ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ.

الرُّكْنُ الْأَوَّلُ.

وَهُوَ الشَّافِعُ.

ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَى أَنْ لَا شُفْعَةَ إِلَّا لِلشَّرِيكِ مَا لَمْ يُقَاسِمْ. وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: الشُّفْعَةُ مُرَتَّبَةٌ، فَأَوْلَى النَّاسِ بِالشُّفْعَةِ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ، ثُمَّ الشَّرِيكُ الْمُقَاسِمُ إِذَا بَقِيَتْ فِي الطُّرُقِ أَوْ فِي الصَّحْنِ شَرِكَةٌ، ثُمَّ الْجَارُ الْمُلَاصِقُ. وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: لَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ وَلَا لِلشَّرِيكِ الْمُقَاسِمِ.

وَعُمْدَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُرْسَلُ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقَسَّمْ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ بَيْنَهُمْ فَلَا شُفْعَةَ» ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَيْضًا: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقَسَّمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ» خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ. وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ: حَدِيثُ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي الشُّفْعَةِ. وَكَانَ ابْنُ مَعِينٍ يَقُولُ: مُرْسَلُ مَالِكٍ أَحَبُّ إِلَيَّ; إِذْ كَانَ مَالِكٌ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مَوْقُوفًا، وَقَدْ جَعَلَ قَوْمٌ هَذَا الِاخْتِلَافَ عَلَى ابْنِ شِهَابٍ فِي إِسْنَادِهِ تَوْهِينًا لَهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِ الْموطأ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَوَجْهُ اسْتِدْلَالِهِمْ مِنْ هَذَا الْأَثَرِ مَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ «أَنَّهُ إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ» ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لما كَانَتِ الشُّفْعَةُ غَيْرَ وَاجِبَةٍ لِلشَّرِيكِ الْمُقَاسِمِ، فَهِيَ أَحْرَى أَنْ لَا تَكُونَ وَاجِبَةً لِلْجَارِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الشَّرِيكَ الْمُقَاسِمَ هُوَ جَارٌ إِذَا قَاسَمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>