للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ الثَّانِي فِي مُوجِبَاتِ صِحَّةِ النِّكَاحِ] [الرُّكْنُ الْأَوَّلُ فِي كيْفِيَّة عقد النكاح] [الْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ كَيْفِيَّةُ الْإِذْنِ الْمُنْعَقِدِ بِهِ النكاح]

ِ وَهَذَا الْبَابُ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ:

الرُّكْنُ الْأَوَّلِ: فِي مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ هَذَا الْعَقْدِ.

الرُّكْنُ الثَّانِي: فِي مَعْرِفَةِ مَحَلِّ هَذَا الْعَقْدِ.

الثَّالِثُ: فِي مَعْرِفَةِ شُرُوطِ هَذَا الْعَقْدِ.

الرُّكْنُ الْأَوَّلُ: فِي الْكَيْفِيَّةِ: وَالنَّظَرُ فِي هَذَا الرُّكْنِ فِي مَوَاضِعَ: فِي كَيْفِيَّةِ الْإِذْنِ الْمُنْعَقِدِ بِهِ، وَمَنِ الْمُعْتَبَرُ رِضَاهُ فِي لُزُومِ هَذَا الْعَقْدِ، وَهَلْ يَجُوزُ عَقْدُهُ عَلَى الْخِيَارِ؟ أَمْ لَا يَجُوزُ؟ وَهَلْ إِنْ تَرَاخَى الْقَبُولُ مِنْ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لَزِمَ ذَلِكَ الْعَقْدُ؟ أَمْ مِنْ شَرْطِ ذَلِكَ الْفَوْرُ؟

الْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ: الْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ عَلَى ضَرْبَيْنِ، فَهُوَ وَاقِعٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالثَّيِّبِ مِنَ النِّسَاءِ بِالْأَلْفَاظِ، وَهُوَ فِي حَقِّ الْأَبْكَارِ الْمُسْتَأْذَنَاتِ وَاقِعٌ بِالسُّكُوتِ، أَعْنِي الرِّضَا. وَأَمَّا الرَّدُّ فَبِاللَّفْظِ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ إِذْنَ الْبِكْرِ إِذَا كَانَ الْمُنْكِحُ غَيْرَ أَبٍ وَلَا جَدٍّ بِالنُّطْقِ.

وَإِنَّمَا صَارَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ إِذْنَهَا بِالصَّمْتِ لِلثَّابِتِ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» .

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ انْعِقَادَ النِّكَاحِ بِلَفْظِ النِّكَاحِ مِمَّنْ إِذْنُهُ اللَّفْظُ، وَكَذَلِكَ بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ. وَاخْتَلَفُوا فِي انْعِقَادِهِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ أَوْ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ، فَأَجَازَهُ قَوْمٌ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِلَفْظِ النِّكَاحِ أَوِ التَّزْوِيجِ.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هَلْ هُوَ عَقْدٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ مَعَ النِّيَّةِ اللَّفْظُ الْخَاصُّ بِهِ؟ أَمْ لَيْسَ مِنْ صِحَّتِهِ اعْتِبَارُ اللَّفْظِ؟ فَمَنْ أَلْحَقَهُ بِالْعُقُودِ الَّتِي يُعْتَبَرُ فِيهَا الْأَمْرَانِ قَالَ: لَا نِكَاحَ مُنْعَقِدٌ إِلَّا بِلَفْظِ النِّكَاحِ أَوِ التَّزْوِيجِ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّفْظَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ اعْتِبَارًا بِمَا لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ اللَّفْظُ أَجَازَ النِّكَاحَ بِأَيِّ لَفْظٍ إِذَا فُهِمَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ مِنْ ذَلِكَ، أَعْنِي أَنَّهُ إِذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ مُشَارَكَةٌ.

[الْمَوْضِعُ الثَّانِي مَنِ الْمُعْتَبَرُ رِضَاهُ فِي لُزُومِ عَقْدِ النكاح]

الْمَوْضِعُ الثَّانِي وَأَمَّا مَنِ الْمُعْتَبَرُ قَبُولُهُ فِي صِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يُوجَدُ فِي الشَّرْعِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ فِيهِ رِضَا الْمُتَنَاكِحَيْنِ أَنْفُسِهِمَا، أَعْنِي: الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ؛ إِمَّا مَعَ الْوَلِيِّ، وَإِمَّا دُونَهُ، عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الْوَلِيَّ فِي رِضَا الْمَرْأَةِ الْمَالِكَةِ أَمْرَ نَفْسِهَا.

وَالثَّانِي: يُعْتَبَرُ فِيهِ رِضَا الْأَوْلِيَاءِ فَقَطْ.

وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الضَّرْبَيْنِ مَسَائِلُ اتَّفَقُوا عَلَيْهَا، وَمَسَائِلُ اخْتَلَفُوا فِيهَا، وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْهَا قَوَاعِدَهَا وَأُصُولَهَا فَنَقُولُ: أَمَّا الرِّجَالُ الْبَالِغُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>