للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الشَّهَادَةِ]

ِ وَاتَّفَقَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمَالِكٌ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ شَرْطِ النِّكَاحِ. وَاخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ شَرْطُ تَمَامٍ يُؤْمَرُ بِهِ عِنْدَ الدُّخُولِ؟ أَوْ شَرْطُ صِحَّةٍ يُؤْمَرُ بِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ؟ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ السِّرِّ.

وَاخْتَلَفُوا إِذَا أَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ، وَوُصِّيَا بِالْكِتْمَانِ - هَلْ هُوَ سِرٌّ؟ أَوْ لَيْسَ بِسِرٍّ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ سِرٌّ، وَيُفْسَخُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَيْسَ بِسِرٍّ.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هَلِ الشَّهَادَةُ فِي ذَلِكَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ؟ أَمْ إِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهَا سَدُّ ذَرِيعَةِ الِاخْتِلَافِ أَوِ الْإِنْكَارِ؟ فَمَنْ قَالَ: حُكْمٌ شَرْعِيٌّ - قَالَ: هِيَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ. وَمَنْ قَالَ: تَوَثُّقٌ - قَالَ: مِنْ شُرُوطِ التَّمَامِ.

وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَوَلِيٍّ مُرْشِدٍ» ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ رَأَى هَذَا دَاخِلًا فِي بَابِ الْإِجْمَاعِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّ فِي سَنَدِهِ مَجَاهِيلَ.

وَأَبُو حَنِيفَةَ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ فَاسِقَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عِنْدَهُ بِالشَّهَادَةِ هُوَ الْإِعْلَانُ فَقَطْ. وَالشَّافِعِيُّ يَرَى أَنَّ الشَّهَادَةَ تَتَضَمَّنُ الْمَعْنَيَيْنِ، أَعْنِي: الْإِعْلَانَ وَالْقَبُولَ. وَلِذَلِكَ اشْتَرَطَ فِيهَا الْعَدَالَةَ. وَأَمَّا مَالِكٌ فَلَيْسَ تَتَضَمَّنُ عِنْدَهُ الْإِعْلَانَ إِذَا وُصِّيَ الشَّاهِدَانِ بِالْكِتْمَانِ.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هَلْ مَا تَقَعُ فِيهِ الشَّهَادَةُ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ السِّرِّ؟ أَمْ لَا؟ .

وَالْأَصْلُ فِي اشْتِرَاطِ الْإِعْلَانِ قَوْلُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ» خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ عُمَرُ فِيهِ: هَذَا نِكَاحُ السِّرِّ، وَلَوْ تَقَدَّمْتُ فِيهِ لَرَجَمْتُ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ: لَيْسَ الشُّهُودُ مِنْ شَرْطِ النِّكَاحِ، لَا شَرْطَ صِحَّةٍ وَلَا شَرْطَ تَمَامٍ. وَفَعَلَ ذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ شَهَادَةٍ، ثُمَّ أَعْلَنَ بِالنِّكَاحِ.

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الصَّدَاقِ]

[الْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ فِي حِكَمِ الصداق وَأَرْكَانِهِ]

الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الصَّدَاقِ وَالنَّظَرُ فِي الصَّدَاقِ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ:

الْأَوَّلُ: فِي حُكْمِهِ وَأَرْكَانِهِ.

الْمَوْضِعُ الثَّانِي: فِي تَقَرُّرِ جَمِيعِهِ لِلزَّوْجَةِ.

الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ: فِي تَشْطِيرِهِ.

الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ: فِي التَّفْوِيضِ وَحُكْمِهِ.

الْمَوْضِعُ الْخَامِسُ: الْأَصْدِقَةُ الْفَاسِدَةُ وَحُكْمُهَا.

الْمَوْضِعُ السَّادِسُ: فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي الصَّدَاقِ.

الْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ: وَهَذَا الموضع فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ:

الْأُولَى: فِي حُكْمِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>