[كِتَابُ السَّلَمِ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَحِلِّهِ وَشُرُوطِهِ]
وَفِي هَذَا الْكِتَابِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ:
الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي مَحِلِّهِ وَشُرُوطِهِ.
الْبَابُ الثَّانِي: فِيمَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَضِيَ مِنَ الْمُسَلَّمِ إِلَيْهِ بَدَلَ مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ السَّلَمُ، وَمَا يَعْرِضُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْإِقَالَةِ وَالتَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ.
الْبَابُ الثَّالِثُ: فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي السَّلَمِ.
الْبَابُ الْأَوَّلُ.
فِي مَحِلِّهِ وَشُرُوطِهِ أَمَّا مَحِلُّهُ: فَإِنَّهُمُ أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِهِ فِي كُلِّ مَا يُكَالُ، أَوْ يُوزَنُ، لِمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَشْهُورِ قَالَ: «قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِمُونَ فِي التَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي ثَمَنٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» .
وَاتَّفَقُوا عَلَى امْتِنَاعِهِ فِيمَا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَهِيَ الدُّورُ وَالْعَقَارُ. وَأَمَّا سَائِرُ ذَلِكَ مِنَ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ فَاخْتَلَفُوا فِيهَا، فَمَنَعَ ذَلِكَ دَاوُدُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ مُصَيَّرًا إِلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ فِي الْعُرُوضِ الَّتِي تَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ، وَالْعَدَدِ.
وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِيمَا يَنْضَبِطُ مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ، فَمِنْ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ وَالرَّقِيقُ، فَذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ إِلَى أَنَّ السَّلَمَ فِيهِمَا جَائِزٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَعَنْ عُمَرَ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ.
وَعُمْدَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي ذَلِكَ: مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنِ السَّلَفِ فِي الْحَيَوَانِ» ، وَهَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ. وَرُبَّمَا احْتَجُّوا أَيْضًا بِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute