ثَلَاثَ جَدَّاتٍ: اثْنَتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَوَاحِدَةً مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ» .
وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَعُمْدَتُهُ الْقِيَاسُ فِي تَشْبِيهِهَا بِالْجَدَّةِ لِلْأَبِ لَكِنَّ الْحَدِيثَ يُعَارِضُهُ.
وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَحْجُبُ الْجَدَّةَ لِلْأَبِ ابْنُهَا وَهُوَ الْأَبُ، فَذَهَبَ زَيْدٌ إِلَى أَنَّهُ يَحْجُبُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَدَاوُدُ، وَقَالَ آخَرُونَ: تَرِثُ الْجَدَّةُ مَعَ ابْنِهَا، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ وَعَطَاءٌ، وَابْنُ سِيرِينَ وَأَحْمَدُ، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ الْمِصْرِيِّينَ.
وَعُمْدَةُ مَنْ حَجَبَ الْجَدَّةَ بِابْنِهَا أَنَّ الْجَدَّ لَمَّا كَانَ مَحْجُوبًا بِالْأَبِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْجَدَّةُ أَوْلَى بِذَلِكَ. وَأَيْضًا فَلَمَّا كَانَتْ أُمُّ الْأُمَّ لَا تَرِثُ بِإِجْمَاعٍ مَعَ الْأُمِّ شَيْئًا كَانَ كَذَلِكَ أَمُّ الْأَبِ مَعَ الْأَبِ.
وَعُمْدَةُ الْفَرِيقِ الثَّانِي مَا رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «أَوَّلُ جَدَّةٍ أَعْطَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُدُسًا جَدَّةٌ مَعَ ابْنِهَا وَابْنُهَا حَيٌّ» قَالُوا: وَمِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ لَمَّا كَانَتِ الْأُمُّ وَأُمُّ الْأُمِّ يُحْجَبْنَ بِالذُّكُورِ كَانَ كَذَلِكَ حُكْمُ جَمِيعِ الْجَدَّاتِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَالِكًا لَا يُخَالِفُ زَيْدًا إِلَّا فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ، (وَهِيَ: امْرَأَةٌ هَلَكَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجًا، وَأُمًّا، وَإِخْوَةً لِأُمٍّ، وَإِخْوَةً لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَجَدًّا) ، فَقَالَ مَالِكٌ: لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْجَدِّ مَا بَقِيَ وَهُوَ الثُّلُثُ، وَلَيْسَ لِلْإِخْوَةِ الشَّقَائِقِ شَيْءٌ، وَقَالَ زَيْدٌ: لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ لِلْإِخْوَةِ الشَّقَائِقِ، فَخَالَفَ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَصْلَهُ مِنْ أَنَّ الْجَدَّ لَا يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ الشَّقَائِقَ وَلَا الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ. وَحُجَّتُهُ أَنَّهُ لَمَّا حَجَبَ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ عَنِ الثُّلُثِ الَّذِي كَانُوا يَسْتَحِقُّونَهُ دُونَ الشَّقَائِقِ كَانَ هُوَ أَوْلَى بِهِ.
وَأَمَّا زَيْدٌ فَعَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَحْجُبُهُمْ.
[بَابٌ فِي الْحَجْبِ]
بَابٌ
فِي الْحَجْبِ.
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ يَحْجُبُ الْأَخَ لِلْأَبِ، وَأَنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ يَحْجُبُ بَنِي الْأَخِ الشَّقِيقِ، وَأَنَّ بَنِي الْأَخِ الشَّقِيقِ يَحْجُبُونَ أَبْنَاءَ الْأَخِ لِلْأَبِ، وَبَنُو الْأَخِ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنْ بَنِي ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، وَبَنُو الْأَخِ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنَ الْعَمِّ أَخِي الْأَبِ، وَابْنُ الْعَمِّ أَخِي الْأَبِ الشَّقِيقِ أَوْلَى مِنِ ابْنِ الْعَمِّ أَخِي الْأَبِ لِلْأَبِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ يَحْجُبُونَ بَنِيهِمْ، وَمَنْ حَجَبَ مِنْهُمْ صِنْفًا فَهُوَ يَحْجُبُ مَنْ يَحْجُبُهُ ذَلِكَ الصِّنْفُ.
وَبِالْجُمْلَةِ، أَمَّا الْإِخْوَةُ فَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ يَحْجُبُ الْأَبْعَدَ، فَإِذَا اسْتَوَوْا حَجَبَ مِنْهُمْ مَنْ أَدْلَى بِسَبَبَيْنِ (أُمٍّ وَأَبٍ) مَنْ أَدْلَى بِسَبَبٍ وَاحِدٍ (وَهُوَ الْأَبُ فَقَطْ) ، وَكَذَلِكَ الْأَعْمَامُ الْأَقْرَبُ مِنْهُ يَحْجُبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute