[كِتَابُ الصَّيْدِ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِ الصَّيْدِ وَفِي مَحَلِّ الصَّيْدِ]
ِ وَهَذَا الْكِتَابُ فِي أُصُولِهِ أَيْضًا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ:
الْأَوَّلُ: فِي حُكْمِ الصَّيْدِ، وَفِي مَحَلِّ الصَّيْدِ.
الثَّانِي: فِيمَا بِهِ يَكُونُ الصَّيْدُ.
الثَّالِثُ: فِي صِفَةِ ذَكَاةِ الصَّيْدِ، وَالشَّرَائِطِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي عَمَلِ الذَّكَاةِ فِي الصَّيْدِ.
الرَّابِعُ: فِيمَنْ يَجُوزُ صَيْدُهُ.
الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي حُكْمِ الصَّيْدِ وَمَحَلِّهِ فَأَمَّا حُكْمُ الصَّيْدِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مُبَاحٌ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦] ، ثُمَّ قَالَ: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] . وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالصَّيْدِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بَعْدَ النَّهْيِ يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ، كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: ١٠] . أَعْنِي أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْإِبَاحَةُ؛ لِوُقُوعِ الْأَمْرِ بَعْدَ النَّهْيِ، وَإِنْ كَانَ اخْتَلَفُوا هَلِ الْأَمْرُ بَعْدَ النَّهْيِ يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ؟ أَوْ لَا يَقْتَضِيهِ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي عَلَى أَصْلِهِ الْوُجُوبَ؟
وَكَرِهَ مَالِكٌ الصَّيْدَ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ السَّرَفُ، وَلِلْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِ تَفْصِيلٌ، مَحْصُولُ قَوْلِهِمْ فِيهِ أَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ فِي حَقِّ بَعْضِ النَّاسِ وَاجِبٌ، وَفِي حَقِّ بَعْضِهِمْ مَنْدُوبٌ، وَفِي حَقِّ بَعْضِهِمْ مَكْرُوهٌ.
وَهَذَا النَّظَرُ فِي الشَّرْعِ تَغَلْغُلٌ فِي الْقِيَاسِ وَبُعْدٌ عَنِ الْأُصُولِ الْمَنْطُوقِ بِهَا فِي الشَّرْعِ، فَلَيْسَ يَلِيقُ بِكِتَابِنَا هَذَا؛ إِذْ كَانَ قَصْدُنَا فِيهِ إِنَّمَا هُوَ ذِكْرُ الْمَنْطُوقِ بِهِ مِنَ الشَّرْعِ، أَوْ مَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَنْطُوقِ بِهِ.
وَأَمَّا مَحَلُّ الصَّيْدِ فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَحَلَّهُ مِنَ الْحَيَوَانِ الْبَحْرِيِّ، وَهُوَ السَّمَكُ وَأَصْنَافُهُ، وَمِنَ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ الْحَلَالُ الْأَكْلِ الْغَيْرُ مُسْتَأْنَسٍ.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا اسْتَوْحَشَ مِنَ الْحَيَوَانِ الْمُسْتَأْنَسِ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى أَخْذِهِ وَلَا ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُؤْكَلُ إِلَّا أَنْ يُنْحَرَ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَاتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute