وَأَمَّا مَتَى يَفْعَلُ الْإِمَامُ ذَلِكَ، فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ قَالَا: يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْخُطْبَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ إِذَا مَضَى صَدْرٌ مِنَ الْخُطْبَةِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ، وَكُلُّهُمْ يَقُولُ: إِنَّهُ إِذَا حَوَّلَ الْإِمَامُ رِدَاءَهُ قَائِمًا حَوَّلَ النَّاسُ أَرْدِيَتَهُمْ جُلُوسًا، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ وَبَعْضَ أَصْحَابِ مَالِكٍ، فَإِنَّ النَّاسَ عِنْدَهُمْ لَا يُحَوِّلُونَ أَرْدِيَتَهُمْ بِتَحْوِيلِ الْإِمَامِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِهِمْ.
وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ لَهَا وَقْتَ الْخُرُوجِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ إِلَّا أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْخُرُوجَ إِلَيْهَا عِنْدَ الزَّوَالِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ» .
[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]
الْبَابُ الثَّامِنُ
فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْسَانِ الْغُسْلِ لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَأَنَّهُمَا بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا مَا أَحْدَثَ مِنْ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ فِي أَصَحِّ الْأَقَاوِيلِ، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ.
وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ أَخَّرَ الصَّلَاةَ وَقَدَّمَ الْخُطْبَةَ لِئَلَّا يَفْتَرِقَ النَّاسُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ.
وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْعِيدَيْنِ، وَأَكْثَرُهُمُ اسْتَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأَوْلَى بِسَبِّحِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْغَاشِيَةِ، لِتَوَاتُرِ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute