للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَوَلَّاهُ صَاحِبُ السِّلْعَةِ بِنَفْسِهِ; كَالسَّمْسَرَةِ، وَالطَّيِّ، وَالشَّدِّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: بَلْ يَحْمِلُ عَلَى ثَمَنِ السِّلْعَةِ كُلَّ مَا نَابَهُ عَلَيْهَا.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يَجُوزُ الْمُرَابَحَةُ إِلَّا بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ السِّلْعَةَ فَقَطْ إِلَّا أَنْ يَفْصِلَ وَيَفْسَخَ عِنْدَهُ إِنْ وَقَعَ قَالَ; لِأَنَّهُ كَذِبٌ; لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ: ثَمَنُ سِلْعَتِي كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَهُوَ عِنْدَهُ مِنْ بَابِ الْغِشِّ.

وَأَمَّا صِفَةُ رَأْسِ الثَّمَنِ الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يُخْبِرَه بِهِ: فَإِنَّ مَالِكًا، وَاللَّيْثَ قَالَا فِيمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِدَنَانِيرَ، وَالصَّرْفُ يَوْمَ اشْتَرَاهَا صَرْفٌ مَعْلُومٌ، ثُمَّ بَاعَهَا بِدَرَاهِمَ، وَالصَّرْفُ قَدْ تَغَيَّرَ إِلَى زِيَادَةٍ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْلَمَ يَوْمَ بَاعَهَا بِالدَّنَانِيرِ الَّتِي اشْتَرَاهَا; لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ، وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَاهَا بِدَرَاهِمَ ثُمَّ بَاعَهَا بِدَنَانِيرَ وَقَدْ تَغَيَّرَ الصَّرْفُ.

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِيمَنِ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِعُرُوضٍ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً أَمْ لَا يَجُوزُ؟ فَإِذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ فَهَلْ يَجُوزُ بِقِيمَةِ الْعَرَضِ، أَوْ بِالْعَرَضِ نَفْسِهِ؟

فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ مِنَ الْعُرُوضِ، وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْقِيمَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَجُوزُ لِمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِشَيْءٍ مِنَ الْعُرُوضِ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً; لِأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِعُرُوضٍ عَلَى صِفَةِ عَرَضِهِ، وَفِي الْغَالِبِ لَيْسَ يَكُونُ عِنْدَهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ.

وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِدَنَانِيرَ فَأَخَذَ فِي الدَّنَانِيرِ عُرُوضًا، أَوْ دَرَاهِمَ; هَلْ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً دُونَ أَنْ يَعْلَمَ بِمَا نَقَدَ أَمْ لَا يَجُوزُ؟

فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ مَا نَقَدَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْهُ مُرَابَحَةً عَلَى الدَّنَانِيرِ الَّتِي ابْتَاعَ بِهَا السِّلْعَةَ دُونَ الْعُرُوضِ الَّتِي أَعْطَى فِيهَا أَوِ الدَّرَاهِمِ.

قَالَ مَالِكٌ أَيْضًا فِيمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِأَجَلٍ فَبَاعَهَا مُرَابَحَةً: إنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُعْلِمَ بِالْأَجَلِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ وَقَعَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي مِثْلُ أَجْلِهِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: هُوَ كَالْعَيْبِ وَلَهُ الرَّدُّ بِهِ، وَفِي هَذَا الْبَابِ فِي الْمَذْهَبِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ لَيْسَتْ مِمَّا قَصَدْنَاهُ.

[الباب الثاني في حكم ما وقع من الزيادة أو النقصان في خبر البائع بالثمن]

الْبَابُ الثَّانِي.

فِي حُكْمِ مَا وَقَعَ مِنَ الزِّيَادَةِ، أَوِ النُّقْصَانِ فِي خَبَرِ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنِ ابْتَاعَ سِلْعَةً مُرَابَحَةً عَلَى ثَمَنٍ ذَكَرَهُ، ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ - إِمَّا بِإِقْرَارِهِ وَإِمَّا بِبَيِّنَةٍ - أَنَّ الثَّمَنَ كَانَ أَقَلَّ، وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ:

فَقَالَ مَالِكٌ، وَجَمَاعَةٌ: الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ: إِمَّا أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ الَّذِي صَحَّ، أَوْ يَتْرُكَ إِذَا لَمْ يُلْزِمْهُ الْبَائِعُ أَخْذَهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي صَحَّ، وَإِنْ أَلْزَمَهُ لَزِمَهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ: بَلِ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِالثَّمَنِ الَّذِي إِنْ أَلْزَمَهُ الْبَائِعُ لَزِمَهُ.

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَحْمَدُ، وَجَمَاعَةٌ: بَلْ يَبْقَى الْبَيْعُ لَازِمًا لَهُمَا بَعْدَ حَطِّ الزِّيَادَةِ.

وَعَنِ الشَّافِعِيِّ الْقَوْلَانِ: الْقَوْلُ بِالْخِيَارِ مُطْلَقًا، وَالْقَوْلُ بِاللُّزُومِ بَعْدَ الْحَطِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>