عَلَيْهِ بِجَائِحَةٍ، أَوْ أَنْ يَكُونَ الْمِقْدَارُ الَّذِي أُصِيبَ مِنَ الثَّمَرِ مِقْدَارًا لَا يَلْزَمُ فِيهِ جَائِحَةٌ، أَوْ أَنْ يَكُونَ أُصِيبَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْجَائِحَةُ، مِثْلُ أَنْ يُصَابَ بَعْدَ الْجِذَاذِ أَوْ بَعْدَ الطِّيبِ.
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَرَوَى حَدِيثَ جَابِرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَكَانَ يُضَعِّفُهُ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ اضْطَرَبَ فِي ذِكْرِ وَضْعِ الْجَوَائِحِ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: إِنْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ وَجَبَ وَضْعُهَا فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.
وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي الْقَضَاءِ بِالْجَائِحَةِ بِالْعَطَشِ، وَقَدْ جَعَلَ الْقَائِلُونَ بِهَا اتِّفَاقَهُمْ فِي هَذَا حُجَّةً عَلَى إِثْبَاتِهَا.
وَالْكَلَامُ فِي أُصُولِ الْجَوَائِحِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ يَنْحَصِرُ فِي أَرْبَعَةِ فُصُولٍ:
الْأَوَّلُ: فِي مَعْرِفَةِ الْأَسْبَابِ الْفَاعِلَةِ لِلْجَوَائِحِ.
والثَّانِي: فِي مَحِلِّ الْجَوَائِحِ مِنَ الْمَبِيعَاتِ.
الثَّالِثُ: فِي مِقْدَارِ مَا يُوضَعُ مِنْهُ فِيهِ.
الرَّابِعُ: فِي الْوَقْتِ الَّذِي تُوضَعُ فِيهِ.
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَسْبَابِ الْفَاعِلَةِ لِلْجَوَائِحِ]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ.
فِي مَعْرِفَةِ الْأَسْبَابِ الْفَاعِلَةِ لِلْجَوَائِحِ وَأَمَّا مَا أَصَابَ الثَّمَرَةَ مِنَ السَّمَاءِ مِثْلُ الْبَرْدِ، وَالْقَحْطِ، وَضِدِّهِ وَالْعَفَنِ: فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ جَائِحَةٌ.
وَأَمَّا الْعَطَشُ كَمَا قُلْنَا فَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْجَمِيعِ أَنَّهُ جَائِحَةٌ. وَأَمَّا مَا أَصَابَ مِنْ صُنْعِ الْآدَمِيِّينَ فَبَعْضٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ رَآهُ جَائِحَةً، وَبَعْضٌ لَمْ يَرَهُ جَائِحَةً. وَالَّذِينَ رَأَوْهُ جَائِحَةً انْقَسَمُوا قِسْمَيْنِ:
فَبَعْضُهُمْ رَأَى مِنْهُ جَائِحَةً مَا كَانَ غَالِبًا كَالْجَيْشِ وَلَمْ يَرَ مَا كَانَ مِنْهُ بِمُغَافَصَةٍ جَائِحَة مِثْلَ السَّرِقَةِ.
وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ كُلَّ مَا يُصِيبُ الثَّمَرَةَ مِنْ جِهَةِ الْآدَمِيِّينَ جَائِحَةً بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ.
فَمَنْ جَعَلَهَا فِي الْأُمُورِ السَّمَاوِيَّةِ فَقَطِ اعْتَمَدَ ظَاهِرَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَرَأَيْتَ إِنْ مَنْعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ؟» . وَمَنْ جَعَلَهَا فِي أَفْعَالِ الْآدَمِيِّينَ شَبَّهَهَا بِالْأُمُورِ السَّمَاوِيَّةِ، وَمَنِ اسْتَثْنَى اللِّصَّ قَالَ: يُمْكِنُ أَنْ يُتَحَفَّظَ مِنْهُ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَحِلِّ الْجَوَائِحِ مِنَ الْمَبِيعَاتِ]
الْفَصْلُ الثَّانِي.
فِي مَحِلِّ الْجَوَائِحِ مِنَ الْمَبِيعَاتِ وَمَحِلُّ الْجَوَائِحِ هِيَ الثِّمَارُ، وَالْبُقُولُ: فَأَمَّا الثِّمَارُ: فَلَا خِلَافَ فِيهَا فِي الْمَذْهَبِ. وَأَمَّا الْبُقُولُ: فَفِيهَا خِلَافٌ، وَالْأَشْهَرُ فِيهَا الْجَائِحَةُ. وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْبُقُولِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي تَشْبِيهِهَا بِالْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الثَّمَرُ.