للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَبَبُ اخْتِلَافِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي الْوَقْصِ فِي الْبَقَرِ: أَنَّهُ جَاءَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ هَذَا أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي الْأَوْقَاصِ وَقَالَ: حَتَّى أَسْأَلَ فِيهَا النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ قَدْ تُوُفِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فَلَمَّا لَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ نَصٌّ طَلَبَ حُكْمَهُ مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ، فَمَنْ قَاسَهَا عَلَى الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ لَمْ يَرَ فِي الْأَوْقَاصِ شَيْئًا، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَوْقَاصِ الزَّكَاةُ إِلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الدَّلِيلُ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ فِي الْبَقْرِ وَقْصٌ، إِذْ لَا دَلِيلَ هُنَالِكَ مِنْ إِجْمَاعٍ وَلَا غَيْرِهِ.

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي نِصَابِ الْغَنَمِ وَقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ ذَلِكَ]

َ وَأَجْمَعُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ عَلَى أَنَّ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةً إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى الثَّلَاثِمِائَةِ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إِلَّا الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ فَإِنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَتِ الْغَنَمُ ثَلَاثَمِائَةِ شَاةٍ وَشَاةً وَاحِدَةً أَنَّ فِيهَا أَرْبَعَ شِيَاهٍ، وَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعَمِائَةِ شَاةٍ وَشَاةً فَفِيهَا خَمْسُ شِيَاهٍ، وَرُوِيَ قَوْلُهُ هَذَا عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَالْآثَارُ الثَّابِتَةُ الْمَرْفُوعَةُ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ عَلَى مَا قَالَ الْجُمْهُورُ.

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَعْزَ تُضَمُّ مَعَ الْغَنَمِ، وَاخْتَلَفُوا مِنْ أَيِّ صِنْفٍ مِنْهَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ، فَقَالَ مَالِكٌ: يَأْخُذُ مِنَ الْأَكْثَرِ عَدَدًا، فَإِنِ اسْتَوَتْ خَيَّرَ السَّاعِيَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: بَلِ السَّاعِي يُخَيَّرُ إِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَصْنَافُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَأْخُذُ الْوَسَطَ مِنَ الْأَصْنَافِ الْمُخْتَلِفَةِ لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: تَعَدُّ عَلَيْهِمُ السَّخْلَةَ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي وَلَا نَأْخُذُهَا، وَلَا نَأْخُذُ الْأَكُولَةَ وَلَا الرُّبَّى وَلَا الْمَاخِضَ وَلَا فَحْلَ الْغَنَمِ، وَنَأْخُذُ الْجَذَعَةَ وَالثَّنِيَّةَ. وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ خِيَارِ الْمَالِ وَوَسَطِهِ.

وَكَذَلِكَ اتَّفَقَ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ وَلَا هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوارٍ لِثُبُوتِ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ، إِلَّا أَنْ يَرَى الْمُصَدِّقُ أَنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلْمَسَاكِينِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَمْيَاءِ وَذَاتِ الْعِلَّةِ هَلْ تُعَدُّ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ أَمْ لَا؟ فَرَأَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ أَنْ تُعَدَّ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا لَا تُعَدُّ.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلْ مُطْلَقُ الِاسْمِ يَتَنَاوَلُ الْأَصِحَّاءَ وَالْمَرْضَى أَمْ لَا يَتَنَاوَلُهُمَا؟ وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي نَسْلِ الْأُمَّهَاتِ هَلْ تُعَدُّ مَعَ الْأُمَّهَاتِ فَيَكْمُلُ النِّصَابُ بِهَا إِذَا لَمْ تَبْلُغُ نِصَابًا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>