شَرْطِهَا الْمَوْضِعَ الَّذِي تُفْعَلُ فِيهِ تَعَلُّقًا بِالْفِعْلِ (أَعْنِي فِعْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) ، وَكَانَ يَرَى أَنَّ التَّكْبِيرَ كُلَّهُ فَرْضٌ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ تَكْبِيرَتَيْنِ.
وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا الْمَوْضِعُ تَعَلُّقًا بِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ " وَكَانَ عِنْدَهُ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ هِيَ فَقَطِ الْفَرْضُ قَالَ: يَجْزِيهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا وَحْدَهَا. وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ أَنْ يَأْتِيَ بِتَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَنْوِ بِهَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ، فَقِيلَ: يَبْنِي عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ، وَقِيلَ: إِنَّمَا يَبْنِي عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجَوِّزُ تَأْخِيرَ نِيَّةِ الصَّلَاةِ عَنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى أَنْ يَنْوِيَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ إِلَّا مُقَارَنَةَ النِّيَّةِ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ ; لِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لَهَا وَصْفَانِ: النِّيَّةُ الْمُقَارِنَةُ، وَالْأَوَّلِيَّةُ: (أَعْنِي وُقُوعَهَا فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ) ، فَمَنِ اشْتَرَطَ الْوَصْفَيْنِ قَالَ: لَا بُدَّ مِنَ النِّيَّةِ الْمُقَارِنَةِ، وَمَنِ اكْتَفَى بِالصِّفَةِ الْوَاحِدَةِ اكْتَفَى بِتَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ تُقَارِنْهَا النِّيَّةُ.
; وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ إِذَا سَهَا عَنِ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ حَتَّى سَجَدَ الْإِمَامُ، فَإِنَّ قَوْمًا قَالُوا: إِذَا فَاتَهُ إِدْرَاكُ الرُّكُوعِ مَعَهُ، فَقَدْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا، وَقَوْمٌ قَالُوا: يَعْتَدُّ بِالرَّكْعَةِ إِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُتِمَّ من الرُّكُوع قَبْلَ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ إِلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَقَوْمٌ قَالُوا: يَتْبَعُهُ وَيَعْتَدُّ بِالرَّكْعَةِ مَا لَمْ يَرْفَعِ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الِانْحِنَاءِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ مَوْجُودٌ لِأَصْحَابِ مَالِكٍ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَاخْتِلَافٌ بَيْنَهُمْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَنْ نِسْيَانٍ أَوْ أَنْ يَكُونَ عَنْ زِحَامٍ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي جُمُعَةٍ أَوْ فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ، وَبَيْنَ اعْتِبَارِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ عَرَضَ لَهُ هَذَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَيْسَ قَصْدُنَا تَفْصِيلَ الْمَذْهَبِ وَلَا تَخْرِيجَهُ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ الْإِشَارَةُ إِلَى قَوَاعِدِ الْمَسَائِلِ وَأُصُولِهَا، فَنَقُولُ: إِنَّ سَبَبَ الِاخْتِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ: هَلْ مِنْ شَرْطِ فِعْلِ الْمَأْمُومِ أَنْ يُقَارِنَ فِعْلَ الْإِمَامِ، أَوْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ ذَلِكَ؟ وَهَلْ هَذَا الشَّرْطُ هُوَ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ الرَّكْعَةِ الثَّلَاثَةِ؟ (أَعْنِي الْقِيَامَ، وَالِانْحِنَاءَ، وَالسُّجُودَ) أَمْ إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي بَعْضِهَا؟ وَمَتَى يَكُونُ إِذَا لَمْ يُقَارِنْ فِعْلُهُ فِعْلَ الْإِمَامِ اخْتِلَافًا عَلَيْهِ: (أَعْنِي: أَنْ يَفْعَلَ هُوَ فِعْلًا وَالْإِمَامُ فِعْلًا ثَانِيًا) ، فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ: (أَعْنِي أَنْ يُقَارِنَ فِعْلُ الْمَأْمُومِ فِعْلَ الْإِمَامِ) ، وَإِلَّا كَانَ اخْتِلَافًا عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» قَالَ: مَتَى لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَلَوْ جُزْءًا يَسِيرًا لَمْ يَعْتَدَّ بِالرَّكْعَةِ، وَمَنِ اعْتَبَرَهُ فِي بَعْضِهَا قَالَ: هُوَ مُدْرِكٌ لِلرَّكْعَةِ إِذَا أَدْرَكَ فِعْلَ الرَّكْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ إِلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ اخْتِلَافًا عَلَيْهِ، فَإِذَا قَامَ إِلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنِ اتَّبَعَهُ فَقَدِ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّهُ يَتْبَعُهُ مَا لَمْ يَنْحَنِ فِي الرَّكْعة الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ رَأَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ فِعْلِ الْمَأْمُومِ أَنْ يُقَارِنَ بَعْضُهُ بَعْضَ فِعْلِ الْإِمَامِ، وَلَا كُلَّهُ، وَإِنَّمَا مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ فَقَطْ، وَإِنَّمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute