وَالثَّالِثَةُ: إِذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ.
وَالرَّابِعَةُ: إِذَا بَاعَ الزَّرْعَ أَوِ الثَّمَرَ وَقَدْ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ عَلَى مَنِ الزَّكَاةُ؟ وَكَذَلِكَ إِذَا وَهَبَهُ.
; فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الأُولَى - وَهِيَ إِذَا أَخْرَجَ الزَّكَاةَ فَضَاعَتْ -: فَإِنَّ قَوْمًا قَالُوا: تُجْزِي عَنْهُ، وَقَوْمٌ قَالُوا: هُوَ لَهَا ضَامِنٌ حَتَّى يَضَعَهَا مَوْضِعَهَا، وَقَوْمٌ فَرَّقُوا بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَهَا بَعْدَ أَنْ أَمْكَنَهُ إِخْرَاجُهَا، وَبَيْنَ أَنْ يُخْرِجَهَا أَوَّلَ زَمَانِ الْوُجُوبِ وَالْإِمْكَانِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ أَيَّامٍ مِنَ الْإِمْكَانِ وَالْوُجُوبِ ضَمِنَ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا فِي أَوَّلِ الْوُجُوبِ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ تَفْرِيطٌ لَمْ يَضْمَنْ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ. وَقَوْمٌ قَالُوا: إِنْ فَرَّطَ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ زَكَّى مَا بَقِيَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ يَعُدُّ الذَّاهِبَ مِنَ الْجَمِيعِ وَيَبْقَى الْمَسَاكِينُ وَرَبُّ الْمَالِ شَرِيكَيْنِ فِي الْبَاقِي بِقَدْرِ حَظِّهِمَا مِنْ حَظِّ رَبِّ الْمَالِ، مِثْلُ الشَّرِيكَيْنِ يَذْهَبُ بَعْضُ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَيَبْقَيَانِ شَرِيكَيْنِ عَلَى تِلْكَ النِّسْبَةِ فِي الْبَاقِي.
فَيَتَحَصَّلُ فِي الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلٌ: إِنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِإِطْلَاقٍ، وَقَوْلٌ: إِنَّهُ يَضْمَنُ بِإِطْلَاقٍ، وَقَوْلٌ: إِنْ فَرَّطَ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ لَمْ يَضْمَنْ، وَقَوْلٌ: إِنْ فَرَّطَ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ زَكَّى مَا بَقِيَ، وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ: يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الْبَاقِي.
; وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا ذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ تَمَكُّنِ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ ; فَقَوْمٌ قَالُوا: يُزَكِّي مَا بَقِيَ. وَقَوْمٌ قَالُوا: حَالُ الْمَسَاكِين وَحَالُ رَبِّ الْمَالِ حَالُ الشَّرِيكَيْنِ يَضِيعُ بَعْضُ مَالِهِمَا.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: تَشْبِيهُ الزَّكَاةِ بِالدُّيُونِ أَعْنِي: أَنْ يَتَعَلَّقَ الْحَقُّ فِيهَا بِالذِّمَّةِ لَا بِعَيْنِ الْمَالِ -، أَوْ تَشْبِيهُهَا بِالْحُقُوقِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ لَا بِذِمَّةِ الَّذِي يَدُهُ عَلَى الْمَالِ كَالْأُمَنَاءِ وَغَيْرِهِمْ، فَمَنْ شَبَّهَ مَالِكِي الزَّكَاةِ بِالْأُمَنَاءِ قَالَ: إِذَا أُخْرِجَ فَهَلَكَ الْمُخْرَجُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَمَنْ شَبَّهَهُمْ بِالْغُرَمَاءِ قَالَ: يَضْمَنُونَ. وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ التَّفْرِيطِ وَلَا تَفْرِيطٍ أَلْحَقَهُمْ بِالْأُمَنَاءِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، إِذَا كَانَ الْأَمِينُ يَضْمَنُ إِذَا فَرَّطَ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِذَا لَمْ يُفَرِّطْ زَكَّى مَا بَقِيَ فَإِنَّهُ شَبَّهَ مَنْ هَلَكَ بَعْضُ مَالِهِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ بِمَنْ ذَهَبَ بَعْضُ مَالِهِ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا وَجَبَتِ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا يُزَكِّي الْمَوْجُودَ فَقَطْ، وَكَذَلِكَ هَذَا إِنَّمَا يُزَكِّي الْمَوْجُودَ مِنْ مَالِهِ فَقَطْ.
وَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ: هُوَ تَرَدُّدُ شَبَهِ الْمَالِكِ بَيْنَ الْغَرِيمِ وَالْأَمِينِ وَالشَّرِيكِ وَمَنْ هَلَكَ بَعْضُ مَالِهِ قَبْلَ الْوُجُوبِ. وَأَمَّا إِذَا وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَتَمَكَّنَ مِنَ الْإِخْرَاجِ فَلَمْ يُخْرِجْ حَتَّى ذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِ، فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ فِيمَا أَحْسَبُ أَنَّهُ ضَامِنٌ إِلَّا فِي الْمَاشِيَةِ عِنْدَ مَنْ رَأَى أَنَّ وُجُوبَهَا إِنَّمَا يَتِمُّ بِشَرْطِ خُرُوجِ السَّاعِي مَعَ الْحَوْلِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute