للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ تَزِيدُ عَلَى الْعِشْرِينَ دِينَارًا دِرْهَم حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِينَارًا، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ نِصْفُ دِينَارٍ وَدِرْهَمٌ» .

وَأَمَّا دَلِيلُ الْخِطَابِ الْمُعَارِضِ لَهُ، فَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ» . وَمَفْهُومُهُ أَنَّ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ الصَّدَقَةَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ.

وَأَمَّا تَرَدُّدُهُمَا بَيْنَ الْأَصْلَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا الْمَاشِيَةُ وَالْحُبُوبُ: فَإِنَّ النَّصَّ عَلَى الْأَوْقَاصِ وَرَدَ فِي الْمَاشِيَةِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا أَوَقَاصَ فِي الْحُبُوبِ، فَمَنْ شَبَّهَ الْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ بِالْمَاشِيَةِ قَالَ: فِيهِمَا الْأَوْقَاصُ، وَمَنْ شَبَّهَهُمَا بِالْحُبُوبِ قَالَ: لَا وَقْصَ.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: - وَهِيَ ضَمُّ الذَّهَبِ إِلَى الْفِضَّةِ فِي الزَّكَاةِ: فَإِنَّ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهَا تُضَمُّ الدَّرَاهِمُ إِلَى الدَّنَانِيرِ، فَإِذَا كَمُلَ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا نِصَابٌ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ: لَا يُضَمُّ ذَهَبٌ إِلَى فِضَّةٍ وَلَا فِضَّةٌ إِلَى ذَهَبٍ.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجِبُ فِيها الزَّكَاةُ لِعَيْنِهِ أَمْ لِسَبَبٍ يَعُمُّهُمَا، وَهُوَ كَوْنُهُمَا كَمَا يَقُولُ الْفُقَهَاءُ رُءُوسَ الْأَمْوَالِ وَقِيَمَ الْمُتْلَفَاتِ؟

فَمَنْ رَأَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هُوَ عَيْنُهُ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ النِّصَابُ فِيهِمَا، قَالَ: هُمَا جِنْسَانِ لَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إِلَى الثَّانِي كَالْحَالِ فِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ.

وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِمَا هُوَ ذَلِكَ الْأَمْرُ الْجَامِعُ الَّذِي قُلْنَاهُ، أَوْجَبَ ضَمَّ بَعْضِهِمَا إِلَى بَعْضٍ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَظْهَرُ اخْتِلَافَ الْأَحْكَامِ حَيْثُ تَخْتَلِفُ الْأَسْمَاءُ، وَتَخْتَلِفُ الْمَوْجُودَاتُ أَنْفُسُهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُوهِمُ اتِّحَادُهُمَا اتِّفَاقَ الْمَنَافِعِ، وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي بَابِ الرِّبَا.

وَالَّذِينَ أَجَازُوا ضَمَّهُمَا اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ الضَّمِّ: فَرَأَى مَالِكٌ ضَمَّهُمَا بِصَرْفٍ مَحْدُودٍ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُنْزِلَ الدِّينَارَ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَدِيمًا، فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيهِمَا الزَّكَاةُ عِنْدَهُ، وَجَازَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْوَاحِدِ عَنِ الْآخَرِ.

وَقَالَ مِنْ هَؤُلَاءِ آخَرُونَ: تُضَمُّ بِالْقِيمَةِ فِي وَقْتِ الزَّكَاةِ، فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَثَلًا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَتِسْعَةُ مَثَاقِيلَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيهِمَا الزَّكَاةُ، وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ تُسَاوِي أَحَدَ عَشَرَ مِثْقَالًا وَتِسْعَةَ مَثَاقِيلَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَيْضًا فِيهِمَا الزَّكَاةُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَبُو

<<  <  ج: ص:  >  >>