فَقَالَ لَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: أَكُنْتِ تَقْضِينَ شَيْئًا؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ: فَلَا يَضُرُّكِ إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا» . وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: أَنَا خَبَّأْتُ لَكَ خَبَئًا، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي كُنْتُ أُرِيدُ الصِّيَامَ وَلَكِنْ قَرِّبِيهِ» . وَحَدِيثُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ غَيْرُ مُسْنَدٍ.
وَلِاخْتِلَافِهِمْ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَبَبٌ آخَرُ، وَهُوَ تَرَدُّدُ الصَّوْمِ لِلتَّطَوُّعِ بَيْنَ قِيَاسِهِ عَلَى صَلَاةِ التَّطَوُّعِ أَوْ عَلَى حَجِّ التَّطَوُّعِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مُتَطَوِّعًا يَخْرُجُ مِنْهُمَا أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ فِيمَا عَلِمْتُ، وَزَعَمَ مَنْ قَاسَ الصَّوْمَ عَلَى الصَّلَاةِ أَنَّهُ أَشْبَهَ بِالصَّلَاةِ مِنْهُ بِالْحَجِّ ; لِأَنَّ الْحَجَّ لَهُ حُكْمٌ خَاصٌّ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُفْسِدَ لَهُ الْمَسِيرُ فِيهِ إِلَى آخِرِهِ، وَإِذَا أَفْطَرَ فِي التَّطَوُّعِ نَاسِيًا فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ قِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ، وَلَعَلَّ مَالِكًا حَمَلَ حَدِيثَ أُمِّ هَانِئٍ عَلَى النِّسْيَانِ، وَحَدِيثُ أُمِّ هَانِئٍ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَكَذَلِكَ خَرَّجَ حَدِيثَ عَائِشَةَ بِقَرِيبٍ مِنَ اللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَخَرَّجَ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ بِعَيْنِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute