أَحَدُهَا: أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي عَامٍ وَاحِدٍ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يُقَدِّمَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ.
وَالْخَامِسُ: أَنْ يُنْشِئَ الْحَجَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْعُمْرَةِ وَإِحْلَالِهِ مِنْهَا.
وَالسَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ وَطَنُهُ غَيْرَ مَكَّةَ.
فَهَذِهِ هِيَ صُورَةُ التَّمَتُّعِ، وَالِاخْتِلَافُ الْمَشْهُورِ فِيهِ وَالِاتِّفَاقُ.
الْقَوْلُ فِي الْقَارِنِ وَأَمَّا الْقِرَانُ فَهُوَ أَنْ يُهِلَّ بِالنُّسُكَيْنِ مَعًا، أَوْ يُهِلَّ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ يُرْدِفَ ذَلِكَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يُهِلَّ مِنَ الْعُمْرَةِ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ لَهُ فِيهِ، فَقِيلَ: ذَلِكَ لَهُ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الطَّوَافِ وَلَوْ شَوْطًا وَاحِدًا. وَقِيلَ: مَا لَمْ يَطُفْ وَيَرْكَعْ، وَيُكْرَهْ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ، فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ. وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِ الْعُمْرَةِ مِنْ طَوَافٍ أَوْ سَعْيٍ، مَا خَلَا أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ إِلَّا الْحِلَاقُ - فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَارِنٍ. وَالْقَارِنُ الَّذِي يَلْزَمُهُ هَدْيُ الْمُتَمَتِّعِ هُوَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ غَيْرِ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، إِلَّا ابْنَ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، فَإِنَّ الْقَارِنَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عِنْدَهُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ.
وَأَمَّا الْإِفْرَادُ فَهُوَ مَا تَعَرَّى مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ، وَهُوَ أَلَّا يَكُونَ مُتَمَتِّعًا وَلَا قَارِنًا، بَلْ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ فَقَطْ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيٌّ أَفْضَلُ؟ هَلِ الْإِفْرَادُ؟ أَوِ الْقِرَانُ؟ أَوِ التَّمَتُّعُ؟
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمُ اخْتِلَافُهُمْ فِيمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ كَانَ مُفْرِدًا، وَرُوِيَ أَنَّهُ تَمَتَّعَ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا. فَاخْتَارَ مَالِكٌ الْإِفْرَادَ، وَاعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَجِّ» . وَرَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَرُوِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute