للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا» ، وَقَوْلُهُ: «عَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ، وَعَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ» خَرَّجَهُمَا أَبُو دَاوُدَ.

وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَلِأَنَّهُمَا نُسُكٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْأَعْظَمُ فِيهَا أَفْضَلَ، قِيَاسًا عَلَى الْهَدَايَا.

وَأَمَّا مَنْ يُعَقُّ عَنْهُ فَإِنَّ جُمْهُورَهُمْ عَلَى أَنَّهُ يُعَقُّ عَنِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الصَّغِيرَيْنِ فَقَطْ. وَشَذَّ الْحَسَنُ فَقَالَ: لَا يُعَقُّ عَنِ الْجَارِيَةِ. وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُعَقَّ عَنِ الْكَبِيرِ.

وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ عَلَى تَعَلُّقِهَا بِالصَّغِيرِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «يَوْمَ سَابِعِهِ» . وَدَلِيلُ مَنْ خَالَفَ مَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ مَا بُعِثَ بِالنُّبُوَّةِ» . وَدَلِيلُهُمْ أَيْضًا عَلَى تَعَلُّقِهَا بِالْأُنْثَى قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «عَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ، وَعَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ» . وَدَلِيلُ مَنِ اقْتَصَرَ بِهَا عَلَى الذَّكَرِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ» .

وَأَمَّا الْعَدَدُ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مَالِكٌ: يُعَقُّ عَنِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِشَاةٍ شَاةٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَحْمَدُ: يُعَقُّ عَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ، وَعَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ اخْتِلَافُ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ؛ فَمِنْهَا حَدِيثُ أُمِّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي الْعَقِيقَةِ: «عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ» وَالْمُكَافَأَتَانِ: الْمُتَمَاثِلَتَانِ. وَهَذَا يَقْتَضِي الْفَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.

وَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا» يَقْتَضِي الِاسْتِوَاءَ بَيْنَهُمَا.

وَأَمَّا وَقْتُ هَذَا النُّسُكِ فَإِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَوْمُ سَابِعِ الْمَوْلُودِ، وَمَالكٌ لَا يَعُدُّ فِي الْأُسْبُوعِ الْيَوْمَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ إِنْ وُلِدَ نَهَارًا، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ يَحْتَسِبُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي "الْعُتْبِيَّةِ": إِنْ عَقَّ لَيْلًا لَمْ يُجْزِهْ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي مَبْدَأِ وَقْتِ الْإِجْزَاءِ، فَقِيلَ: وَقْتُ الضَّحَايَا، أَعْنِي: ضُحًى. وَقِيلَ: بَعْدَ الْفَجْرِ، قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْهَدَايَا. وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ أَجَازَ الضَّحَايَا لَيْلًا أَجَازَ هَذِهِ لَيْلًا. وَقَدْ قِيلَ: يَجُوزُ فِي السَّابِعِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ.

وَأَمَّا سِنُّ هَذَا النُّسُكِ وَصِفَتُهُ فَسِنُّ الضَّحَايَا وَصِفَتُهَا الْجَائِزَةُ، أَعْنِي أَنَّهُ يُتَّقَى فِيهَا مِنَ الْعُيُوبِ مَا يُتَّقَى فِي الضَّحَايَا، وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا فِي الْمَذْهَبِ وَلَا خَارِجًا مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>