للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي فَرْعٍ مَشْهُورٍ، وَهُوَ فِيمَنْ أُودِعَ مَالًا فَتَعَدَّى فِيهِ وَاتَّجَرَ بِهِ فَرَبِحَ فِيهِ، هَلْ ذَلِكَ الرِّبْحُ حَلَالٌ لَهُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَأَبُو يُوسُفَ وَجَمَاعَةٌ: إِذَا رَدَّ الْمَالَ طَابَ لَهُ الرِّبْحُ، وَإِنْ كَانَ غَاصِبًا لِلْمَالِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُسْتَوْدَعًا عِنْدَهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يُؤَدِّي الْأَصْلَ وَيَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ، وَقَالَ قَوْمٌ: لِرَبِّ الْوَدِيعَةِ الْأَصْلُ وَالرِّبْحُ، وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالرِّبْحِ، وَقَالَ قَوْمٌ: الْبَيْعُ الْوَاقِعُ فِي تِلْكَ التِّجَارَةِ فَاسِدٌ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ أَوْجَبُوا التَّصَدُّقَ بِالرِّبْحِ إِذَا مَاتَ.

فَمَنِ اعْتَبَرَ التَّصَرُّفَ، قَالَ: الرِّبْحُ لِلْمُتَصَرِّفِ، وَمَنِ اعْتَبَرَ الْأَصْلَ، قَالَ: الرِّبْحُ لِصَاحِبِ الْمَالِ. وَلِذَلِكَ لَمَّا أَمَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ابْنَيْهِ عَبْدَ اللَّهِ وَعُبَيْدَ اللَّهِ أَنْ يَصْرِفَا الْمَالَ الَّذِي أَسْلَفَهُمَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَاتجرا فِيهِ فَرَبِحَا، قِيلَ لَهُ: لَوْ جَعَلْتَهُ قِرَاضًا، فَأَجَابَ إِلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لِلْعَامِلِ جُزْءٌ وَلِصَاحِبِ الْمَالِ جُزْءٌ، وَأَنَّ ذَلِكَ عَدْلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>