للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْأَبِ وَالْأُمِّ إِذَا اسْتَكْمَلْنَ الثُّلُثَيْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ مَعَهُنَّ شَيْءٌ كَالْحَالِ فِي بَنَاتِ الِابْنِ مَعَ بَنَاتِ الصُّلْبِ، وَأَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الْأُخْتُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَاحِدَةً فَلِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ مَا كَانَ بَقِيَّةَ الثُّلُثَيْنِ وَهُوَ السُّدُسُ.

وَاخْتَلَفُوا إِذَا كَانَ مَعَ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ ذَكَرٌ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ: يُعَصِّبُهُنَّ وَيَقْتَسِمُونَ الْمَالَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، كَالْحَالِ فِي بَنَاتِ الِابْنِ مَعَ بَنَاتِ الصُّلْبِ; وَاشْتَرَطَ مَالِكٌ أَنْ يَكُونَ فِي دَرَجَتِهِنَّ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا اسْتَكْمَلَ الْأَخَوَاتُ الشَّقَائِقُ الثُّلُثَيْنِ فَالْبَاقِي لِلذُّكُورِ مِنَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَخَالَفَهُ دَاوُدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، مَعَ مُوَافَقَتِهِ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ بَنَاتِ الصُّلْبِ وَبَنِي الْبَنِينَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْنَ الثُّلُثَيْنِ، فَلِلذَّكَرِ عِنْدَهُ مِنْ بَنِي الْأَبِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاصِلُ لِلنِّسَاءِ أَكْثَرَ مِنَ السُّدُسِ كَالْحَالِ فِي بِنْتِ الصُّلْبِ مَعَ بَنِي الِابْنِ.

وَأَدِلَّةُ الْفَرِيقَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هِيَ تِلْكَ الْأَدِلَّةُ بِأَعْيَانِهَا.

وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ يَقُومُونَ مَقَامَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ عِنْدَ فَقْدِهِمْ، كَالْحَالِ فِي بَنِي الْبَنِينَ مَعَ الْبَنِينَ، وَأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ عَصَّبَهُنَّ، بِأَنْ يَبْدَأَ بِمَنْ لَهُ فَرْضٌ مُسَمًّى، ثُمَّ يَرِثُونَ الْبَاقِيَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَالْحَالِ فِي الْبَنِينَ إِلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَهِيَ الْفَرِيضَةُ الَّتِي تُعْرَفُ بِالْمُشْتَرَكَةِ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِيهَا، وَهِيَ امْرَأَةٌ تُوُفِّيَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَإِخْوَتَهَا لِأُمِّهَا وَإِخْوَتَهَا لِأَبِيهَا وَأُمَّهَا، فَكَانَ عُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يُعْطُونَ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسَ، وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ، فَيَسْتَغْرِقُونَ الْمَالَ فَيَبْقَى الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ بِلَا شَيْءٍ، فَكَانُوا يُشْرِكُونَ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ فِي الثُّلُثِ مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَبِالتَّشْرِيكِ قَالَ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ.

وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ لَا يُشْرِكُونَ إِخْوَةَ الْأَبِ وَالْأُمِّ فِي الثُّلُثِ مَعَ إِخْوَةِ الْأُمِّ فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ، وَلَا يُوجِبُونَ لَهُمْ شَيْئًا فِيهَا، وَقَالَ بِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُدُ وَجَمَاعَةٌ.

وَحُجَّةُ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ يُشَارِكُونَ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ فِي السَّبَبِ الَّذِي بِهِ يَسْتَوْجِبُونَ الْإِرْثَ وَهِيَ الْأُمُّ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْفَرِدُوا بِهِ دُونَهُمْ ; لِأَنَّهُ إِذَا اشْتَرَكُوا فِي السَّبَبِ الَّذِي بِهِ يُوَرَّثُونَ وَجَبَ أَنْ يَشْتَرِكُوا فِي الْمِيرَاثِ.

وَحُجَّةُ الْفَرِيقِ الثَّانِي أَنَّ الْإِخْوَةَ الشَّقَائِقَ عَصَبَةٌ، فَلَا شَيْءَ لَهُمْ إِذَا أَحَاطَتْ فَرَائِضُ ذَوِي السِّهَامِ بِالْمِيرَاثِ.

وَعُمْدَتُهُمْ بِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ زَوْجًا وَأُمًّا وَأَخًا وَاحِدًا لِأُمٍّ وَإِخْوَةً شَقَائِقَ عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ يَسْتَحِقُّ هَاهُنَا السُّدُسَ كَامِلًا، وَالسُّدُسُ الْبَاقِي بَيْنَ الْبَاقِينَ مَعَ أَنَّهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>