سبق بيان المراد من اليقين والظن، وأن الظن معتبر شرعاً بمنزلة اليقين في بناء
الأحكام عليه في أكثر المسائل إذا كان مستنداً إلى دليل معتبر، وذلك كما لو رأى إنسان عيناً في يد آخر يتصرف بها تصرفاً يغلب على ظن من يشاهده أنها ملكه، وكان مثله يملك مثلها، ولم يخبر الرائي عدلان بأنها ملك غيره، فإنه يجوز له أن يشهد لذي اليد بملكها.
ولكن هناك بعض المسائل لا يعتبر فيها الظن أو غلبة الظن، ولابد فيها من اليقين
فمن ذلك:
أ - عقد النكاح على أختين؛ فلو عُقد لشخص عقد نكاح على أختين بعقدين متعاقبين فالأول صحيح، والمتأخر باطل، فلو نسي الأول منهما فإنه يفرق بينه وبين الأختين ويبطل العقدان، لأنه لا يجوز ترجيح الأولية لأحدهما دون الآخر بغلبة الظن، ولا بدَّ من العلم واليقين، لأن التحري لا يجري في مسائل الفروج، ولأن الأصل في الأبضاع التحريم.
ب - طلاق إحدى نسائه: لو طلق رجل زوجة معينة من نسائه، ثم نسيها، فلا يجوز له أن يطأ واحدة منهن إلا بعد العلم بالمطلقة، ولا يكفي التحري وتغليب الظن، ولا يستطيع الحاكم أن يخلي بينه وبين نسائه حتى يتبين، لأن التحري إنما يجوز فيما يباح عند الضرورة والفروج لا تباح عند الضرورة.