إن فعل الرخصة متى توقف على وجود شيء نظر في ذلك الشيء، فإن كان تعاطيه في نفسه حراماً امتنع فعل الرخصة، وإلا فلا، وبهذا يظهر الفرق بين المعصية بالسفر، والمعصية في السفر، فالعبد الآبق، والناشزة والمسافر للمكس ونحوه، عاص بالسفر، فالسفر نفسه معصية، والرخصة منوطة به، أي معلقة به، ومترتبة عليه
ترتب المسبب على السبب، فلا تباح فيه الرخص، ومن سافر مباحاً فشرب الخمر في سفره فهو عاص فيه أي مرتكب المعصية في السفر المباح، فنفس السفر ليس معصية، ولا هو آثم به، فتباح فيه الرخص، لأنها منوطة بالسفر، وهو في نفسه مباح، ولهذا جاز المسح على الخف المغصوب بخلاف المحرم، لأن الرخصة منوطة باللبس، وهو للمحرم معصية، وفي المغصوب ليس معصية لذاته، أي لكونه لبساً، بل للاستيلاء
على حق الغير، ولذا لو ترك اللبس لم تزل المعصية بخلاف المحرم قاله السيوطي، فعلم أن العاصي بسفره لا يستبيح شيئاً من رخص السفر كالقصر، والجمع، والفطر، والمسح ثلاثاً، والتنفل على الراحلة، وترك الجمعة وأكل الميتة.
وطرد الاصطخري القاعدة في سائر الرخص، فقال: إن العاصي بالإقامة لا
يستبيح شيئاً منها، لكن ذهب عامة أصحاب الشافعي إلى أن يستبيحها، وفرقوا بأنَّ