إن البينة حجة متعدية أي متجاوزة إلى غير من قامت عليه، وملزمة له، لأن
الثابت بالبينة والبرهان يعتبر كالواقع المحسوس، فإنه يعتبر ثابتاً، ويحتج به على غير المقضي عليه أيضاً.
وإن الإقرار حجة قاصرة على نفس المقر لا تتجاوزه إلى غيره، لأن كونه حجة يبنى على زعمه، وزعمه ليس بحجة على غيره، ولأن المقر لا ولاية له إلا على نفسه، فله أن يلزم نفسه بما شاء، وليس له سلطة على إلزام غيره، وأيضاً يحتمل أن يكون المقر كاذباً في إقراره ومتواطئاً مع المفر له لإضاعة حق شخص ثالث.
والبينة لا تصير حجة إلا بقضاء القاضي، والإقرار أقوى من البينة لعدم التهمة فيه غالباً، ولأن الإقرار يعتمد الأهلية بالبلوغ والعقل فقط، ولا يعتمد الولاية على غير المقر، بخلاف الشهادة فإنها حجة متعدية، ولذا كانت تعتمد الولاية، فلا تقبل شهادة من لا ولاية له أصلاً، كالصغير، أو لا ولاية له على المشهود كغير المسلم إذا كان المشهود عليه مسلماً، وشهادة الفاسق والعبد، والمرأة أحياناً، ويقبل إقرارهم مطلقاً، فحيث كانت البينة متعدية وتعتمد الولاية تكون حجة على من قامت بمواجهته وعلى غيره.