- الشارع يعتر المفاسد والمصالح، فإذا اجتمعا قدم المصلحة الراجحة على المفسدة المرجوحة.
التوضيح
على العالم والمجتهد والمفتي أن ينظر إلى المصلحة والمفسدة معاً في الأعمال
والتصرفات، فينظر إلى ما في المحرم من مفسدة تقتضي تركه، وإلى ما في الواجب من مصلحة تقتضي فعله، ثم ينظر إلى الراجح منهما، ويجب ترجيح الراجح منها؛ لأن الأمر والنهي وإن كان متضمناً مصلحة ودفع مفسدة فيجب النظر إلى المعارض له.
فإن كان الذي يفوت من المصالح، أو يحصل من المفاسد أكثر، لم يكن مأموراً به، بل يكون محرماً إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته، كالصيام للمريض، والطهارة بالماء لمن يخاف عليه الموت؛ لأنه إذا كان في السيئة حسنة راجحة لم تكن سيئة، بل تكون حسنة، وإذا كان في العقوبة مفسدة راجحة على الجريمة لم تكن حسنة، بل تكون سيئة.
فالعبد إذا تعين عليه فعل واجب، وكان هذا الواجب لا يمكن فعله إلا بارتكاب محرم، فينظر: إن كانت المفسدة الحاصلة بارتكاب المحرم أعظم من المصلحة الحاصلة بفعل الواجب فعليه الامتناع عن هذا المحرم، وإن تضمن ترك واجب، وإن كانت المصلحة الحاصلة بفعل الواجب أعظم من المفسدة الحاصلة بارتكاب المحرم وجب عليه فعل الواجب، وإن تضمن ارتكاب محرم، وهذا يؤكد أن الشريعة جاءت