اختلف المالكية في الرخصة، أهي معونة فلا تتناول المعاصي، أم هي تخفيف
فتتناوله، فإن كانت معونة من الله تعالى لمن وجد في حقه سبب الترخيص، فلا يجوز لمن كان عاصياً أن يترخص بها؛ لأن العاصي لا يعان، بل يجب أن يعاقب على المعصية بمنعه من الرخصة، إذ لا يستعان بنعم الله على معاصيه، وإنما يستعان بنعمه على شكره.
فإن قيل: إن المنع من الرخصة، كالتيمم مثلاً، فيه تكثير بترك الصلاة.
فإن العاصي متمكن من التوبة، فعليه أن يتوب ويترخص، فهي معصية يمكنه رفعها لو أراد فلا أثر لها، وقال بهذا القول ابن العربي رحمه الله تعالى وتشدد فيه.
وإن كانت الرخص تخفيفاً، فإنها تتناول كل مسلم: العاصي وغيره، لأن
التخفيف ورفع الحرج عام في الشريعة.
وقال بهذا القرطي، ورد على ابن العربي.
فقال:"قلت: الصحيح خلاف هذا، فإن إتلاف المرء نفسه في سفر المعصية أشر معصية مما هو فيه، قال تعالى:(وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) .
وهذا عام، ولعله يتوب في ثاني حالٍ، فتمحو التوبة عنه ما كان ".