وعلى هذين المأخذين ينبني أن الفرقة هل تنفذ ظاهراً وباطناً، أو ظاهراً فقط؛ وينبني الاختلاف في طلاق الولي لها، وله مأخذ ثالث، وهو الأظهر، وهو أن الحاجة دعت هنا إلى التصرف في حقه من بضع الزوجة بالفسخ عليه، فيصح الفسخ وتزوجها بغيره ابتداءَ للحاجة، فإن لم يظهر، فالأمر على ما هو عليه، وإن ظهر كان ذلك موقوفاً على إجازته، فإذا قدم، فإن شاء أمضاه وإن شاء رده.
القسم الثاني: ألا تدعو الحاجة إلى هذا التصرف ابتداء، بل إلى صحته وتنفيذه، بأن تطول مدة التصرف، وتكثر، ويتعذر استرداد أعيان أمواله، فللأصحاب فيه طريقان، أشهرهما: إنه على الخلاف الآتي ذكره.
والثاني: إنه ينفذ ها هنا بدون إجازة، دفعاً للضرر بتفويت الربح، وضرر المشترين بتحريم ما قبضوه بهذه العقود.
القسم الثالث: ألا تدعو الحاجة إلى ذلك ابتداء ولا دواماً، فهذا القسم في بطلان التصرف فيه من أصله، ووقوفه على إجازة المالك وتنفيذه، روايتان معروفتان.
واعلم أن لتصرف الشخص في مال غيره حالتين:
إحداهما: أن يتصرف فيه لمالكه، فهذا محل الخلاف الذي ذكرناه، وهو ثابت في التصرف في ماله بالبيع والإجارة ونحوهما.
وأما في النكاح فللأصحاب فيه طريقان، أحدهما: إجراؤه على
الخلاف، وهو ما قاله الأكثرون.
والثاني: الجزم ببطلانه قولاً واحداً.
ونص أحمد على التفريق بينهما، فعلى هذا لو زوِّج المرأة أجنبي، ثم أجازه الولي، لم ينفذ بغير خلاف، كما لو زوجت نفسها، نعم لو زوِّج غير الأب من الأولياء الصغيرة بدون إذنها، أو زوج الولي الكبيرة بغير إذنها، فهل يبطل من أصله، أو يقف على إجازتها؛ على روايتين.
الحالة الثانية: أن يتصرف فيه لنفسه، وهو الغاصب، ومن يتملك مال غيره
لنفسه، فيجيزه له المالك، فأما الغاصب ففي قول أن جميع تصرفاته الحكمية فيها روايتان، إحداهما: البطلان، والثانية: الصحة، وسواء في ذلك العبادات كالطهارة والصلاة والزكاة والحج والعقود كالبيع والإجارة والنكاح.
وفي قول: إطلاق الخلاف غير مقيد بالوقف على الإجازة.
وفي قول: مقيد بها، فإن أريد بالصحة من غير وقف على الإجازة وقوع التصرف عن المالك وإفادة ذلك للملك له، فهو الطريق