فيسمى الظن الغالب الذي يقرب من اليقين، وعرّفه المقّري فقال:"الظن الغالب:
هو الذي تسكن إليه النفس ويطمئن به القلب "
وقرر الفقهاء أن الظن الغالب ينزل منزلة اليقين، وأن اليقين لا يزول بالشك بل لا بدَّ من يقين مثله أو ظن غالب، كمن سافر في سفينة مثلاً، وثبت غرقها، فيحكم بموت هذا الإنسان؛ لأن موته ظنّ غالب، والظن الغالب بمنزلة اليقين.
أما إذا كانت غلبة الظن غير مستندة إلى دليل فلا كلام في عدم اعتبارها مطلقاً، وتكون مجرد وهْم، ولا عبرة للتوهم، كما لو غلب على ظن الغاصب حل العين المغصوبة له بناء على احتمال جعل المالك إياه في حل منها، وكما لو ظفر إنسان بمال الغير فأخذه بناء على احتمال أن مالكه أباحه لمن يأخذه، فإنه يكون ضامناً، ولا تعتبر غلبة الظن هذه مهما قويت، ولذلك وجدت أحكام اللقطة، ووجب التعريف سنة، لأن ظنه السابق غير مستند إلى دليل، لأنه من مجرد الوهم، ولا عبرة بالتوهم..
(م/ ٧٤) .
٣ - اليقين السابق والشك الطارئ
الشك لا يؤثر على اليقين، ولا يزيله، سواء كان اليقين مقتضياً للحظر فلا يزول الحظر بالشك، أم كان اليقين السابق مقتضياً للإباحة، فلا يمنع بالشك، والعمدة على اليقين في كلتا الحالتين، ولا يلتفت إلى الشك فيهما.
مثال القسم الأول: لو غاب إنسان غيبة منقطعة بحيث لا يعلم موته ولا حياته، فإن المعتبر اليقين السابق، وهو حياته، إلى أن يعلم موته بالبينة، أو بموت أقرانه، كان كان احتمال موته قائماً في كل لحظة، فلا يجوز قبل ذلك قسمة ماله بين الورثة،