وفي لفظ آخر "إذا دار الفرع بين أصلين غلب أرجحهما إن تعذر الجمع، وقد يُختلف في ذلك "، لأن الفرع إذا لم يكن له إلا أصل واحد يرجع إليه، فالواجب إجراؤه على ذلك الأصل من غير خلاف؛ لأنه المتعين.
فإن تجاذبته أصول متعددة، وقواعد مختلفة، فالواجب الجمع بينهما، وذلك
بترجح الفرع إلى أحد الأصلين على وجه من الوجوه، وترجيعه إلى الأصل الآخر على وجه آخر، خروجاً من التعارض، والواجب إلحاق الفرع بأرجح الأصلين وأقواهما به شبهاً؛ لأن العمل بالراجح واجب، وقد تغلب الشائبتان في الفرع، فيبقى للأصلين أثر في الفرع، ويكون الترجيح محل اجتهاد.
التطبيقات
أ - حكم من تيقن الوضوء وشك في الحدث تجاذبه أصلان، الأول: الأصل بقاء ما كان على ما كان، وأنه لا ينتقل عن الأصل - الذي هو الطهارة هنا - إلا بيقين أو ظن غالب، وعليه فلا يجب الوضوء على من شك في الحدث، وبهذا أخذ الجمهور وبعض المالكية.
والأصل الثاني: هو أن عمارة الذمة بعد التكليف، وهي الصلاة هنا، ولا يُبرأ منها إلا بيقين، وأن الشك في الشرط، وهو الطهارة، شك في المشروط، وهو الصلاة، والذمة لا يُبرأ منها بالشك، فيجب الوضوء في الحدث، وهو المشهور عند المالكية.
(الغرياني ص ٤٤٣) .
ب - عامل القراض له شبه بالشريك، وشبه بالأجير، فمن رجح شبهه بالشريك، قال بملك العامل لحصته بالظهور وتحقق الربح، وبوجوب الزكاة عليه حينئذ، بشرط أن تتحقق شروط الزكاة فيه وفي رب العمل، وترجح شبه العامل بالشريك عند القائلين بهذا القول بتساويه مع رب المال في زيادة الربح ونقصه، وبأن حقه يتعلق بعين المال، ولا يتعلق بذمة رب المال.