النوع الأول: وهو تحكيم الحال الذي يتوصل به إلى الحكم بوجود أمر في الماضي، بأن يجعل ما في الحاضر منسحباً على الماضي، وهو الاستصحاب المعكوس.
النوع الثاني: وهو دلالة الحال التي ليس فيها سحب ما في الحاضر على الماضي، بل يستأنس بها، ويعتمد عليها في ترجيح أحد الزعمين على الآخر، وهذه أمثلته:
أ - وضع اليد: فلو ادعى شخصان ملك عين، وهي في يد أحدهما، فإن القول قول ذي اليد.
ب - الحمولة على الجدار، واتصال التربيع فيه، فإنه يترجح به زعم من يشهد له أحدهما من الخصمين على الآخر.
جـ - تأييد مهر المثل لقول أحد الزوجين، فيما لو اختلفا في مقدار المهر المسمى، فادعى الزوج الأقل، وادعت الزوجة الأكثر، فإن القول لمن يشهد له مهر المثل بيمينه، فإن كان كما قال أو أقل فالقول قوله، وإن كان كما قالت أو أكثر، فالقول قولها في الزيادة.
د - تأييد نقصان الثمن المسمى عن ثمن المثل فيما لو تبايعا عقاراً، ولم ينصَّا على البتات، ثم اختلفا فادعى أحدهما أن البيع كان باتاً، والآخر أنه كان وفاءً، فإن القول لمدعي البتات، لأنه الأصل في البيع، إلا إذا كان الثمن المسمى ناقصاً عن ثمن المثل، فإن القول حينئذ لمدعي الوفاء، لأن الظاهر شاهد له.
هـ - تأييد قرائن الحال فيما إذا كان رجلان في سفينة مشحونة بالدقيق، فادعى كل واحد السفينة وما فيها، وأحدهما يعرف ببيع الدقيق، والآخر يعرف بأنه ملاح، فإنه يحكم بالدقيق للذي يعرف ببيعه، وبالسفينة للذي يعرف بأنه ملاح، عملاً بالظاهر من الحال.
و لو بعث الزوج إلى زوجته شيئاً، ثم اختلفا، فقالت: أرسلته هدية، وقال: أرسلته من المهر، فالقول قول الزوج بيمينه في غير المهيأ للأكل، لأن الهدية تبرع، والمهر واجب في ذمته، والظاهر أنه يسعى في إسقاط الواجب عن ذمته.