والعادة أيضاً: هي الاستمرار على شيء مقبول للطبع السليم، والمعاودة إليه مرة بعد أخرى، وهي المرادة بالعرف العملي.
والمراد بها حينئذ ما لا يكون مغايراً لما عليه أهل الدين والعقل المستقيم، ولا
منكراً في نظرهم، والمراد من كونها عامة: أن تكون مطردة أو غالبة في جميع البلدان.
ومن كونها خاصة: أن تكون كذلك في بعضها، فالاطراد والغلبة شرط لاعتبارها سواء كانت عامة أو خاصة، وهو ما جاء في القاعدة:"إنما تعتبر العادة إذا اطَّردت أو غلبت"(م/ ٤١)
وقاعدة "العبرةُ للغالب الشائع لا النادر"(م/ ٤٢) .
وإذا لم يرد نص مخالف يشملها فلا كلام في اعتبارها، فقد نقل ابن عابدين أن العادة إحدى حجج الشرع فيما لا نص فيه، ونقل أيضاً أن البناء على العادة الظاهرة واجب، وهو ما قرره السرخسي والحصيري الحنفيان.
أما إذا ورد فإما أن يكون نصاً في مخالفتها فلا كلام في اعتباره دونها مطلقاً، عامة كانت أم خاصة، لأن النص أقوى من العرف، فالعمل بها حينئذ عبارة عن ردّ النص ورفضه للعادة، وهو لا يجوز، كتعارف الناس الكثير من المحرمات كشرب الخمر، والربا، وسفور المرأة وغيرها.
وإما أن يكون عاماً، ويكون المعتاد جزئياً من جزئياته، وهنا يفرق بين حالتين، إما أن تكون عامة فتصلح أن تكون مخصصة لعمومه اتفاقاً، عملية كانت أم قولية.
وإما أن تكون خاصة، واختلف في أنها هل تصلح مخصصة للنص العام بالنسبة لمن اعتادها أم لا، والمذهب أنها لا تصلح، وعليه مشى أبو بكر البلخي وأبو جعفر الحنفي.