والمراد بالعرف عرف الاستعمال من الناس لشيء، والمراد بالشرع لفظه، بأنه ورد في الكتاب أو السنة ذلك الشيء فيه، وتعارضهما على نوعين:
أحدهما: ألا يتعلق باللفظ الشرعي حكم، فيقدم عليه عرف الاستعمال، فلو حلف لا يأكل لحماً، لم يحنث بالسمك، وإن عاه الله لحماً، أو حلف لا يجلس على بساط، أو تحت سقف، أو في ضوء سراج، لم يحنث بالجلوس على الأرض وإن سماها الله بساطاً، ولا تحت السماء، وإن سماها الله سقفاً، ولا في الشمس وإن سماها الله سراجاً، أو حلف لا يضع رأسه على وتد، لم يحنث بوضعه على جبل، وإن سماه الله وتداً، أو حلف ألا يأكل ميتة أو دماَ، لم يحنث بالسمك والجراد، والكبد والطحال.
فقد سماها الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
ميتتان ودمان.
فقدم العرف في جميع ذلك؛ لأنها استعملت في الشرع تسمية بلا تعلق حكم
وتكليف.
النوع الثاني: أن يتعلق به حكم، فيقدم على عرف الاستعمال، فلو حلف لا يصلي، لم يحنث إلا بذات الركوع والسجود، أو حلف لا يصوم لم يحنث بمطلق الإمساك، أو حلف لا ينكح، حنث بالعقد لا بالوطء، أو قال:
إن رأيتِ الهلال فأنت طالق، فرآه غيرها، وعلمت به طلقت حملاً له على الشرع، فإنها فيه بمعنى العلم، لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"إذا رأيتموه فصوموا ".
ولو كان اللفظ يقتضي العموم، والشرع يقتضي التخصيص اعتبر
خصوص الشرع في الأصح، فلو حلف لا يأكل لحماً لم يحنث بالميتة، أو أوصى لأقاربه لم تدخل ورثته، عملاً بخصوص الشرع، إذ