١٨ - أهمل الغالب والنادر معاً، فلم يؤخذ بهما في كثير من مسائل الشهادة
والرواية، ومنها شهادة الصبيان في الأموال، وشهادة الجمع الكثير من النساء في الحدود، وشهادة الجمع الكثير من الفسقة في الأموال وغيرها، وشهادة ثلاثة عدول في الزنا، ومنها عدم قبول رواية الحديث من الجمع الكثير الذي لم يبلغ حد التواتر ممن يغلب على الظن صدقهم، وعدم استحلالهم الكذب إما تديُّناً كالرهبان المعتقدين لتحريم الكذب، وإما طبعاً كالفسقة والعصاة الذين رأسهم أقوامهم وعرفوا بتوقيهم الكذب عادة، فلم تقبل شهادةُ ولا رواية مَنْ ذكر، مع أن الغالب
عليهم الصدق، والنادر الكذب، سدّاً لباب قبول المجروحين في الشهادة والرواية، حفظاً للشريعة، ورحمة بالعباد أن تنالهم دعاوى الكذَّابين، وقد ألغي النادر هنا أيضاً، ولو عمل به لحكم على من ذكر بأنه شاهد زور، ويؤدب، لكن ألغيت شهادتهم وروايتهم دون الحكم عليهم بذلك، فهو من إلغاء الغالب والنادر معاً، وجلد الثلاثة في شهادة الزنا ليس لأنهم شهود زور، وإنما للقذف..