بلفظ الكفالة إذا اشترط فيها براءة المدين عن المطالبة، أو عدم براءته، وما يشمل المقاصد العرفية المرادة للناس في اصطلاح تخاطبهم، فإنها معتبرة في تعيين جهة العقود، لتصريح الفقهاء بأنه يحمل كلام كل إنسان على لغته وعرفه، وإن خالفت لغة الشرع وعرفه، فتنعقد بعض العقود بألفاظ غير الألفاظ الموضوعة لها، مما يفيد معنى تلك العقود في العرف، كانعقاد البيع والشراء بلفظ الأخذ والعطاء (م/ ١٦٩، ١٧٢) ، وانعقاد شراء الثمار على الأشجار بلفظ "الضمان" في العرف الحاضر.
فالاعتبار في الكلام بمعناه لا بلفظه.
واختلاف الألفاظ والعبارات لا يؤثر في انعقاد
العقد إذا كان المعنى المقصود ظاهراً، لأن المقصود هو فهم مراد المتكلم.
وتعتبر هذه القاعدة كالجزئي من الكلي من قاعدة
" الأمور بمقاصدها" (م/ ٢) .
فتلك عامة، وهذه خاصة، وتصلح أن تكون فرعاً منها.
ولفظ "العقود" في القاعدة جرياً على الغالب، ولا تفيد الحصر، فتجري القاعدة في غير العقود كالدعاوى وسائر التصرفات
كما جاء في اللفظ الآخر.
ويمكن التعرف على القصد بالعرف والقرائن والأحوال المصاحبة للعقد أو السابقة له، أو بالألفاظ المقارنة للعقد.
وأخذ بهذه القاعدة جمهور الفقهاء من المذهب الحنفي والمالكي والحنبلي.
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: "الألفاظ إذا اختلفت عباراتها، والمعنى واحد، كان حكمها واحداً، ولو اتفقت ألفاظها، واختلفت معانيها.
كان حكمها مختلفاً.
وكذلك الأعمال، لو اختلفت صورها، واتفقت مقاصدها، كان حكمها واحداً في حصول الثواب في الآخرة، والأحكام في الدنيا".
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "إياك أن تهمل قصد المتكلم ونيته. . .، فتجني عليه، وعلى الشريعة، وتنسب إليها ما هي بريئة منه. . .، ففقيه النفس يقول: ما أردتَ؟ ونصف الفقيه يقول: ما قلت؟ ".
واعتبر ابن رجب رحمه الله تعالى هذه القاعدة مختلفاً فيها، ووضع قاعدة بصيغة