للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيهما على كل منهما، وهذه القاعدة عكس قاعدة "يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام ".

وهذه القاعدة مختلف فيها عند المالكية، ولذلك وضعوها بصيغة الاستفهام

"الدوام على الشيء، هل هو كابتدائه، أو لا؟.

وفيها قولان عندهم بأن الدوام كالابتداء إذا كان ممنوعاً أو مفسداً للعمل، كابتداء الصلاة بالنجاسة وطروء النجاسة على المصلي في أثناء الصلاة كل منهما ممنوع ومفسد للعمل، والابتداء المسبب للكفارة أو الحنث، والدوام عليه سواء، ويشهد لقاعدة "الدوام كالابتداء"

حديث خلع النبي - صلى الله عليه وسلم - نعليه في الصلاة حين أعلمه جبريل أن بهما قذراً.

وفي قول لا يكون الدوام كالابتداء، ويختلف الترجيح من مسألة إلى أخرى.

وكذلك يختلف الأمر عند الحنابلة.

وقال (ابن رجب رحمه الله تعالى:

"من تلبس بعبادة، ثم وجد قبل فراغها ما لو كان واجداً له قبل الشروع لكان هو الواجب، دون ما تلبس به، هل يلزمه الانتقال إليه، أم يمضي ويجزئه؟ -

هذا على ضربين:

أحدهما: أن يكون المتلبس به رخصة عامة شرعت تيسيراً على المكلف، وتسهيلاً عليه، مع إمكان إتيانه بالأصل على ضرب من المشقة والتكلف، نهذا لا يجب عليه الانتقال منه بوجود الأصل، كالمتمتع إذا عدم الهدي فإنه رخص له في الصيام رخصة عامة، حتى لو قدر على الشراء بثمن في ذمته، وهو موسر في بلده لم يلزمه، الضرب الثاني: أن يكون المتلبس به إنما شرع ضرورة للعجز عن الأصل وتعذره بالكلية.

فهذا يلزمه الانتقال إلى الأصل عند القدرة عليه ولو في أثناء التلبس بالبدل، كالعدة بالأشهر فإنها لا تعتبر بحال مع القدرة على الاعتداد بالحيض، ولهذا تؤمر من ارتفع حيضها لعارض معلوم أن تنتظر زواله ولو طالت المدة، وإنما جوِّز لمن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه أن تعتد بالأشهر، لأن حيضها غير معلوم، ولا مظنون، وسواء كانت هذه المعتدة مكلفة قبل هذا بالاعتداد بالحيض، كمن ارتفع حيضها لا تدري

<<  <  ج: ص:  >  >>