ولم يستحصد فللمالك أن يأمر الغاصب بقلعه وتفريغ ملكله، فإن أبى يقلعه بنفسه، أو يرفع الأمر للحاكم ليقلعه، وإن كان لم ينبت فالمالك مخير إن شاء تركها حتى ينبت فيأمره بقلعه، وإن شاء أعطاه ما زاد البذر في الأرض، فتقوّم مبذورة ببذر يجب قلعه إذا نبت، وتقوم غير مبذورة، فيعطى فضل ما بينهما، وهو الأصح.
وعن أبي يوسف: أنه يعطيه مثل بذره، وهو المختار.
فحفظ الشارع حق الغاصب، ولم يتساهل فيه، بل أوجب له ما زاد بذره في قيمة الأرض، على ما هو الأصح، أو أوجب له مثل بذره على ما هو المختار، مع كونه ألقاه باختياره في أرض الغير بلا حق يسوِّغ له ذلك، لأن فعله لا يخرج البذر عن كونه ملكاً له محترماً، فلا يجوز ظلمه بتفويته عليه بلا عوض، وذلك غير ناف لوجوب ردعه عن ظلمه
بما يكفي زاجراً له عن العود إلى مثله.
(الزرقا ص ١٧٦) .
٢ - من غصب ثوباً فصبغه، فالمالك مخير بين ترك الثوب له وأخذ قيمته منه غير مصبوغ، وبين أخذه مصبوغاً ويعطي للغاصب ما زاد الصبغ فيه.
(الزرقا ص ١٧٧) .
٣ - لا يجوِّز الشرع مجاوزة الحد في تضمين الغاصب غير ما تناوله فعله وورد عليه مباشرة، ولذا كانت زوائد المغصوب أمانة عنده لا تضمن بغير تعدٍ أو منع لها عن المالك، فلو غصب بقرة مثلاً فولدت عنده، فهلك الولد في يده بغير تعدٍ، ولا منع له عن المالك، أو غصب كرماً مثلاً فاثمر في يده، ثم هلك الثمر كذلك بلا تعدٍ، ولا منع له عن المالك، يهلك أمانة، لأنه لم يرد عليه الغصب مباشرة.
(الزرقا ص ١٧٧) .
٤ - من أتلف لغيره مثلياً، ثم التقيا في بلد آخر، وكانت قيمة المتلف من المثلي فيه أكثر من قيمته في بلد الغصب، فالغاصب مخير بين إعطاء مثله وإعطاء قيمته المعتبرة في بلد الغصب، ما لم يرض المالك بتأخير المطالبة بالمثل إلى بلد الغصب، فلم يوجب الشرع المثل في الصورة المذكورة على الغاصب حتماً، بل خيره وسوَّغ له دفع القيمة.
مع أن المثلي مضمون بمثله، ولم يجوِّز إضراره وإن كان ظالماً، ولذا يشترط في دعوى الغصب للمثلي غير النقدين ذكر مكان الغصب، ليعلم هل للمدعي حق المطالبة.