فإن كان قصد براءة القبض والاستيفاء منه، كان للكفيل أن يرجع على المكفول عنه لو كانت الكفالة بالأمر، وكان للمحال عليه أن يرجع على المحيل لو لم يكن للمحيل دين عليه، وإن كان قصد من ذلك براءة الإسقاط فلا رجوع لواحد منهما.
أما إن كان الطالب أو المحال غير حاضر، ففي قوله:"برئتَ إليَّ " لا نزاع في أنه يحمل على براءة الاستيفاء، وكذلك في قوله:"برئتَ " عند أبي يوسف، فإنه جعله كالأول، وهو المرجح.
٣ - أما الوكالات: فلو وكل إنسان غيره بشراء فرس معين، أو نحوه، فاشترى الوكيل فرساً، ففيه تفصيل، إن كان نوى شراءه للموكل، أو أضاف العقد إلى دراهم الموكل، فيقع الشراء للموكل، وإن نوى الشراء لنفسه، أو أضاف العقد إلى دراهم
نفسه، فيقع الشراء لنفسه، وكذا لو أضاف العقد إلى دراهم مطلقة، فإذا نوى بها دراهم الموكل يقع الشراء للموكل، وإن نوى بها دراهم نفسه يقع لنفسه، وإن تكاذبا في النيَّة يحكَّم النقد، فيحكم بالفرس لمن وقع نقد الثمن من ماله، لأن في النقد من أحد المالين دلالة ظاهرة على أنه أراد الشراء لصاحبه.
٤ - أما الإحرازات: وهي استملاك الأشياء المباحة، فإن النية والقصد شرط في إفادتها الملك، فلو وضع إنسان وعاءً في مكان، فاجتمع فيه ماء المطر، ينظر: فإن كان وضعه خصيصاً لجمع الماء يكون ما اجتمع فيه ملكه، كان وضعه بغير هذا القصد، هما اجتمع فيه لا يكون ملكه، ولغيره حينئذ أن يتملكه بالأخذ، لأن الحكم وهو الملك لا يضاف إلى السبب الصالح إلا بالقصد.
وكذلك الصيد، فلو وقع الصيد في شبكة إنسان أو حفرة من أرضه ينظر: فإن كان نشر الشبكة أو حفر الحفرة لأجل الاصطياد بهما فإن الصيد ملكه، وليس لأحد أن يأخذه، وإن كان نشر الشبكة لتجفيفها، أو حفر الحفرة لا لأجل الاصطياد، فإنه لا يملكه، ولغيره أن يستملكه بالأخذ (م/١٣٠٣) .