للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجح على ما تففيى إليه من المفسدة فإن الشارع يبيح ذلك الفعل، ويأذن فيه، جلباً للمصلحة، وإذا تعذرت المصلحة إلا بالذريعة شرعت.

التطبيقات

١ - يحرم النظر إلى الأجنبية، والخلوة بها، وسفرها بلا محرم، لما يفضي إليه ذلك من الفساد، فإذا كان في فعل شيء من ذلك تحقيق مصلحة، كأن ينظر الطبيب للمرأة لعلاجها، أو الخاطب ليكون أحرى لاستمرار العشرة بينهما، أو يخشى ضياع المرأة إذا لم تسافر إلا مع محرم، أو نحو ذلك، فإنه يباح ذلك كله، فيباح النظر والخلوة والسفر، لأن ما كان منهياً عنه سداً للذريعة يباح للمصلحة الراجحة.

(ابن تيمية، الحصين ١ / ٢٨٦) .

٢ - تجوز صلاة ذوات الأسباب في أوقات النهي، لأن النهي إنما كان لسد

الذريعة، وما كان لسد الذريعة فإنه يفعل للمصلحة الراجحة، فالصلاة في نفسها من أفضل الأعمال وأعظم العبادات فليس فيها نفسها مفسدة تقتضي النهي، ولكن وقت الطلوع والغروب يقارن الشيطان الشمس، ويسجد لها الكفار حينئذ، فالمصلي يتشبه بهم في جنس الصلاة وإن لم يعبد الشمس، ولا يقصد مقصد الكفار، لكن يشبههم في الصورة، فنهي عن الصلاة في هذين الوقتين سداً للذريعة، حتى ينقطع التشبه بالكفار، وألا يتشبه بهم المسلم في شركهم، فإن توفرت المصلحة الراجحة كإعادة

الصلاة مع الإمام، وتحية المسجد، وصلاة الكسوف، وصلاة الجنازة وغيرها

فتصلى، وتكون مفسدة النهي ناشئة مما لا سبب له، فلا تفوت بالنهي عنها مصلحة راجحة من العبادة والطاعة وتحصيل الأجر والثواب، والمصلحة العظيمة في الدِّين..

(ابن تيمية، الحصين ١ / ٢٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>