فإن هذا الاحتمال الضعيف لا يخرج ذلك عن كونه يقيناً، لأنه لقوة ضعفه قد طرح أمام قوة مقابله، ولم يبق له اعتبار في نظر الناظر، فاليقين هو الجزم بوقوع الشيء أو عدم وقوعه.
والشك: هو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر، أو هو التردد في وقوع الشيء وعدم وقوعه على السواء، وبينه وبين اليقين الظن، أو الظن الغالب.
وهو ترجيح أحد الطرفين على الآخر بدليل ظاهر يبني عليه العاقل أموره، لكن لم يطرح الاحتمال الآخر، ويقابل الظنَّ الوهمُ، وهو الجانب المرجوح لدليل أقوى منه، والفقهاء يريدون بالشك مطلق التردد سواء كان الطرفان سواء أو أحدهما راجحاً، وعلماء الأصول يفرقون بين الشك والظن.
ومعنى القاعدة: أن الأمر المتيقن بثبوته لا يرتفع بمجرد طروء الشك، ولا يحكم بزواله بمجرد الشك؛ لأن الأمر اليقيني لا يعقل أن يزيله ما هو أضعف منه، ولا يعارضه إلا إذا كان مثله أو أقوى، فاليقين لا يُرفع حكمه بالشك أي بالتردد باستواء أو رجحان (أي بالظن) ، وهذا ما يؤيده العقل؛ لأن الأصل بقاء المتحقق.
ومستند هذه القاعدة قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه.
أخرج منه شيء أم لا؟
فلا يخْرُجَنَّ من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً" رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فالمتوضئ إذا شك في انتقاض وضوئه فهو على وضوئه السابق المتيقن، وتصح به صلاته حتى يتحقق ما ينقضه، ولا عبرة بذلك الشك.
وأخرج الحديث أيضاً ابن ماجة والترمذي.
وقوله على عن عبد الله بن زيد قال: شُكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يُخيل إليه أنه