والموفق، والطوفي، وابن قاضي الجبل وغيرهم، إذ معناه طلب ما فيه كلفة. وقد يكون أشق من الواجب. وليست المشقة منحصرة في الممنوع عن نقيضه، حتى يلزم أن يكون منه.
ومنعه ابن حمدان من أصحابنا وأكثر العلماء. قاله ابن مفلح في "أصوله". "و" هو "مأمور به حقيقة" عند أحمد والشافعي وأكثر أصحابهما. وحكاه ابن عقيل عن علماء الأصول والفقهاء، لدخوله في حد الأمر، لانقسام الأمر إليهما. وهو مستدعى ومطلوب. قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}، وإطلاق الأمر عليه في الكتاب والسنة. والأصل: الحقيقة، ولأنه طاعة لامتثال الأمر).
قال الشنقيطي في المذكرة (ص/١٤): (والتحقيق أن المندوب مأمور به؛ لأن الأمر قسمان: أمر جازم أي في تركه العقاب وهو الواجب. وأمر غير جازم، أي لا عقاب في تركه وهو المندوب.
والدليل على شمول الأمر للمندوب قوله تعالى: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) [الحج: ٧٧] أي ومنه المندوب، (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ)[لقمان: ١٧]، أي ومنه المندوب:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى)[النحل: ٩٠]، أي ومن الإحسان وإيتاء ذي القربى ما هو مندوب، واحتج من قال أن الندب غير مأمور به بقوله:(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[النور: ٦٣] قالوا في الآية التوعد على مخالفة الأمر بالفتنة والعذاب الأليم، والندب لا يستلزم تركه شيئا من ذلك، والحديث:(لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) مع أنه ندبهم إلى السواك قالوا فدل ذلك على أن الندب غبر مأمور به والجواب أن الأمر في الآية والحديث المذكورين يراد به الأمر الواجب، فلا ينافى أن يطلق الأمر أيضا على غير الواجب، فلا ينافى أن يطلق الأمر أيضا على غير الواجب، وقد قدمنا أن الأمر يطلق على هذا وهذا وزعم من قال أن الندب تخيير بدليل جواز تركه والأمر استدعاء وطلب. والتخيير والطلب متنافيان، زعم غير صحيح، لان الندب ليس تخييرا مطلقا بدليل أن الفعل فيه أرجح من الترك للثواب في فعله وعدم الثواب في تركه، ولان المندوب أيضا مطلوب الا أن طلبه غير جازم والندب في اللغة الدعاء إلى الفعل ... ).