الأولى - العمل بالمطلق قبل البحث عن مقيد والقول فيها كالقول في العام وقد سبق، قال الزركشي في "البحر المحيط"(٣/ ٥): (العمل بالمطلق قبل البحث عن المقيد ينبغي أن يكون على الخلاف السابق في العموم).
الثانية - الدليل الشرعي المطلق إذا لم يرد ما يقيده يجب حمله على إطلاقه، كما أن العام إذا لم يرد ما يخصصه يجب حمله على عمومه (١).
[حمل المطلق على المقيد:]
قال الشيخ:(وإذا ورد نص مطلق ونص مقيد وجب تقييد المطلق به إن كان الحكم واحداً وإلا عمل بكل واحد على ما ورد عليه من إطلاق أو تقييد).
وقال في الأصل:(مثال ما كان الحكم فيهما واحداً: قوله تعالى في كفارة الظهار: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا)(سورة المجادلة / آية ٣)، وقوله في كفارة القتل:(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)(سورة النساء / آية ٩٢). فالحكم واحد هو تحرير الرقبة فيجب تقييد المطلق في كفارة الظهار بالمقيد في كفارة القتل ويشترط الإيمان في الرقبة في كل منهما.
ومثال ما ليس الحكم فيهما واحداً: قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)(سورة المائدة / آية ٣٨). وقوله في آية الوضوء:(فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)(سورة المائدة / آية ٦). فالحكم مختلف ففي الأولى قطع وفي الثانية غسل فلا تقيد الأولى بالثانية بل تبقى على إطلاقها ويكون القطع من الكوع مفصل الكف، والغسل إلى المرافق).اهـ
ومثال ما اتحد حكمه وسببه: كما لو قال في كفارة الظهار: (اعتق رقبة)، وقال عن نفس الكفارة في موضع آخر:(اعتق رقبة مؤمنة) فهنا يحمل المطلق على المقيد، وتقيد الرقبة بالإيمان.
ومثال ما اختلف حكمه واتحد سببه: مثل آية الوضوء؛ قال الله - تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)[المائدة: ٦]، وقال تعالى:(فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ)[المائدة: ٦]؛ ففي
(١) انظر: "أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله" - (ص / ٣٦٨).