للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعريف النسخ، «أن يقال: رفع الحكم الثابت بطريق شرعي، بمثله متراخ عنه»، وإنما كان هذا أجود، لما ذكرنا من أنه يتناول ما ثبت بالخطاب، أو ما قام مقامه من إشارة أو إقرار فيهما، أي: في المنسوخ والناسخ، فإن كل واحد منهما ثبت تارة بالخطاب، وتارة بما قام مقام الخطاب، ورفع ذلك والرفع به يسمى نسخًا، ولو اقتصرنا على قولنا: رفع الحكم بالخطاب، كما سبق في التعريف الأول، لخرج منه ما ثبت بغير الخطاب، كالإشارة، والفعل، والإقرار، أعني: التقرير الذي هو أحد أقسام السنة، كما سبق فيها؛ فلا يكون الحد جامعًا) (١).

النسخ جائز عقلاً وواقع شرعاً:

قال الشيخ: (والنسخ جائز عقلاً وواقع شرعاً).

قال في الأصل: (أما جوازه عقلاً: فلأن الله بيده الأمر وله الحكم؛ لأنه الرب المالك فله أن يشرع لعباده ما تقتضيه حكمته ورحمته وهل يمنع العقل أن يأمر المالك مملوكه بما أراد؟! ثم إن مقتضى حكمة الله ورحمته بعبادة أن يشرع لهم ما يعلم تعالى أن فيه قيام مصالح دينهم ودنياهم والمصالح تختلف بحسب الأحوال والأزمان فقد يكون الحكم في وقت أو حال أصلح للعباد ويكون غيره في وقت أو حال أخرى أصلح والله عليم حكيم.

وأما وقوعه شرعاً فلأدلة منها:

١ - قوله تعالى: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) [البقرة: ١٠٦].

٢ - قوله تعالى: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ) [الأنفال: ٦٦]. (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ)

[البقرة: ١٨٧] فإن هذا النص في تغيير الحكم السابق.

٣ - قوله صلى الله عليه وسلم: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها" (٢) فهذا نص في نسخ النهي عن زيارة القبور).


(١) انظر "التحبير" (٦/ ٢٩٧٦).
(٢) أخرجه مسلم من حديث بريدة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>