للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكريمة: أن المؤمنين إذا أدخلهم ربهم جنات عدن التي وعدهم (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا) أي في الجنات المذكورة (لَغْوًا) أي كلاماً تافهاً ساقطاً كما يسمع في الدنيا. واللغو: هو فضول الكلام، وما لا طائل تحته. ويدخل فيه فحش الكلام وباطله ...

ونظير ذلك من كلام العرب في الاستثناء المنقطع قول نابغة ذبيان:

. وَما بِالرَبعِ مِن أَحَدِ

إِلّا الأَوارِيَّ ... (١)

(فالأواري) التي هي مرابط الخيل ليست من جنس (الأحد).

وقول الفرزدق:

وبنتِ كريمٍ قدْ خطبنا ولمْ يكنْ ... لها خاطبٌ إلاَّ السنانُ وعاملهْ

وقول جران العود

وبَلْدةٍ لَيس بها أَنِيْسُ ... إِلاَّ اليَعافِيرُ وإِلاَّ العِيسُ

(فالسنان) ليس من جنس (الخاطب) و (اليعافير والعيس) (٢) ليس واحد منهما من جنس (الأنيس) ...

وبهذا الذي ذكرنا تعلم صحة وقوع الاستثناء المنقطع كما عليه جماهير الأصوليين خلافاً للإمام أحمد بن حنبل وبعض الشافعية القائلين: بأن الاستثناء المنقطع لا يصح؛ لأن الاستثناء إخراج ما دخل في اللفظ، وغير جنس المستثنى منه لم يدخل في اللفظ أصلاً حتى يخرج بالاستثناء.

[تنبيهان:]

الأول - اعلم أن تحقيق الفرق بين الاستثناء المتصل والمنقطع يحصل بأمرين يتحقق بوجودهما أن الاستثناء متصل. وإن اختل واحد منهما فهو منقطع: الأول أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه، نحو: جاء القوم إلا زيداً. فإن كان من غير جنسه فهو منقطع، نحو: جاء القوم إلا حماراً. والثاني أن يكون الحكم على


(١) وتتمة البيتين:
وَقَفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها ... ... عَيَّت جَواباً وَما بِالرَبعِ مِن أَحَدِ
إِلّا الأَوارِيَّ لَأياً ما أُبَيِّنُها ... ... ... وَالنُؤيَ كَالحَوضِ بِالمَظلومَةِ الجَلَدِ
(٢) قال الحربي في غريب حديثه: (واليعافير: الظباء والعيس: البقر).

<<  <   >  >>