الواجب، المندوب، وما ذكره الشيخ ليست هي الأحكام التكليفية لا على طريقة جمهور الأصوليين ولا على طريقة الفقهاء، وإنما هي الأفعال التي تعلق بها أثر الحكم الشرعي كما سبق التنبيه على ذلك وسيأتي - بإذن الله - مزيد بيان له.
[تنبيه - هل يصح إطلاق لفظ التكاليف على جميع الأحكام الشرعية؟]
بيان وجه المنع من إطلاق لفظ التكاليف على جميع الأحكام الشرعية.
كون الأحكام الشرعية تسمى تكليفا وتعليل ذلك بأن فيها كلفة ومشقة ليس المقصود من ذلك أن جميع الأحكام الشرعية فيها مشقة أو أن ذلك شرط لكي يصح نسبتها للشرع، وإنما غالب الأحكام قرة للعيون وسرور للقلب ولذات للأرواح وكمال للنعيم ومن تأمل قوله - صلى الله عليه وسلم - (أرحنا بها يا بلال) علم مقصود ذلك.
وعليه فلا يصح إطلاق القول بأن كلها مشقات فهذا الإطلاق مخالف لما نفاه الله سبحانه من الحرج والضيق عن هذا الدين.
كما أن الله سمى الأحكام شرعة ومنهاجا ونور ووصفها بأنها رحمة ويسر وتيسيرا.
ولتعلم أن إطلاق لفظ التكاليف على جميع الأحكام الشرعية أول من استعمله المعتزلة إذ أن من أصولهم أن الثواب والعقاب لا يترتب إلا على عمل فيه مشقة وكلفة بل متى لم يكن العمل شاقا لم يستحق صاحبه ثوابا أصلا ولهذا جعلوا الأحكام كلها من باب التكليف.
إنني لا أنفي أن بعض الأحكام تسمى تكليفا وفيها مشقة على النفس كالجهاد) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) وهذه المشقة تكون معتادة قدر وسع المكلف. إلا أن الإنكار جاء على تعميم ذلك وجعل المشقة شرطا للتكليف وأن الشريعة كلها مشقات وأن المشقة والمضرة جهة لوجوب الفعل، ومن الآثار السلبية لقولهم إنكار كون المباح من الأحكام الشرعية وللرد عليهم مجال