للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[التعارض]

لما أنهى الشيخ الكلام على الأدلة الشرعية بدأ بالكلام على هذا الباب الذي يدفع التعارض بين الأدلة ويبين كيفية الترتيب بينها.

ولما كان هذا الباب موضوع نظر المجتهد وضروراته؛ لأن الأدلة الشرعية متفاوتة في مراتب القوة، فيحتاج المجتهد إلى معرفة ما يقدم منها وما يؤخر؛ لئلا يأخذ بالأضعف منها مع وجود الأقوى.

ولما كان المجتهد هو من يقوم بالترجيح بين الأدلة ويبين ترتيبها، ويزيل التعارض الظاهري بينها قدم الموفق، وابن مفلح، وغيرهما باب الاجتهاد على هذا الباب، لكن الرازي في ' المحصول ' وأتباعه قدموا التعارض والتراجيح على الاجتهاد؛ لأنه المقصود، وذلك ما يتوقف عليه المقصود (١).

[تعريف التعارض:]

لغة:

قال الشيخ: (التعارض لغة: التقابل والتمانع).

مادة عَرَضَ في اللغة لها معان كثيرة منها (٢):

- الظهور، يقال: عَرَضَ له كذا، أي ظهر، وعرضت عليه أمر كذا وعرضت له الشيء أي: أظهرته له وأبرزته، ومنه قوله تعالى: (وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا) [الكهف: ١٠٠].

والشيء معروض لك: موجود ظاهر لا يمنع، وأظهره عليه: أراه إياه.

ولعل هذا المعنى - الظهور - معنى متأصل في جميع المعاني التي تدل عليها مادة عَرَضَ.

- ومنها: المقابلة، يقال: عارض الشيء بالشيء معارضة: قابله، وعارضت كتابي بكتابه أي قابلته. وفلان يعارضني أي يباريني، ويقال: عارض فلان فلانا إذا أخذ في طريق وأخذ الآخر في طريق فالتقيا وتقابلا، ومنه الحديث إن جبريل عليه


(١) انظر " التحبير" للمرداوي (٨/ ٤١١٩).
(٢) انظر رسالة: "أثر التعارض بين قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله في العبادات" (ص/١٦) وما بعدها.

<<  <   >  >>