(٢) قال المرداوي في "التحبير" (٨/ ٤٠١٦): (ولو أفتى المفتي العامي بحادثة بحكم. فذهب معظم الأصوليين إلى أنه مقلد لانطباق تعريف التقليد عليه. وذهب الباقلاني في ' التقريب ': ' إلى أن المختار أنه ليس بتقليد أصلا، فإن قول العالم حجة في حق المستفتي، نصبه الله تعالى علما في حق العامي، وأوجب عليه العمل به كما أوجب على المجتهد العمل باجتهاده، وخرج من هذا أنه لا يتصور تقليدا مباحا لا في الأصول ولا في الفروع. ثم قال الباقلاني: إنه لو جاز تسمية هذا تقليدا لجاز أن يسمى التمسك بالنصوص وغيرها من الدلائل تقليدا ' انتهى). وقال الزركشي في "البحر المحيط" (٤/ ٥٥٧): (في أن أخذ العامي بقول المجتهد هل يسمى تقليدا أم لا فقيل ليس بتقليد لأنه لا بد له من نوع اجتهاد وبه جزم القاضي والغزالي والآمدي وابن الحاجب وحكاه العبادي في زيادته عن الأستاذ أبي إسحاق لأنه بذل مجهوده في الأخذ بقول الأعلم وقال القاضي في مختصر التقريب الذي نختاره أن ذلك ليس بتقليد أصلا فإن قول العالم حجة في حق المستفتي نصبه الرب علما في حق العامي فأوجب عليه العمل به كما أوجب على المجتهد العمل باجتهاده واجتهاده علم عليه ويتخرج من هذا أنه لا يتصور تقليد مباح في الشريعة لا في الأصول ولا في الفروع إذ التقليد على ما عرفه القاضي إتباع من لم يقم بإتباعه حجة ولم يستند إلى علم قال ولو ساغ تسمية العامي مقلدا مع أن قول العالم في حقه واجب الإتباع جاز أن يسمى المتمسك بالنصوص وغيرها من الدلائل مقلدا قال القاضي ولأنه يستند إلى حجة قطعية وهو الإجماع فلا يكون تقليدا وهذا بناء منه على أحد تفسيري التقليد وذهب معظم الأصوليين قاله إمام الحرمين إلى أنه مقلد له فيما يأخذه لأنا إن فسرناه بقبول القول بلا حجة فقد تحقق ذلك إذ قوله في نفسه ليس بحجة وإن فسرناه بقبول القول مع الجهل بمأخذه فهو متحقق في قول المفتي أيضا قال ابن السمعاني ولعله الأولى لأنه لا يعرف حجة ما يصير إليه من الحكم قبل والإجماع سبق القاضي على أن العوام يقلدون المجتهدين ولو لم يكن تقليدا فليس في الدنيا تقليد ومن نظر كتب العلماء والخلافيين وجدها طافحة بجعل العوام مقلدين ... ).