سبق في باب التعارض الكلام على مسألة: ماذا يفعل المجتهد إن لم يمكنه الجمع أو الترجيح، ولم يعلم الناسخ: وقلنا: إذا وجد المجتهد دليلان متعارضان فإنه يجمع بينهما بوجه من وجوه الجمع والتوفيق بين الأدلة، فإن تعذر عليه ذلك - ولم يكن أحدهما منسوخا، فإنه يتوقف عن الاستدلال بأيهما لحين ظهور وجه الجمع بينهما، أو الترجيح لأحدهما على الآخر، وإنما قلنا بالتوقف لأن الحق واحد لا يتعدد، ولم نقل بالتخيير بين أيهما لأن هذا يستلزم تعدد الحق، وأنه ليس محصورا في واحد منهما.
[- تتمة:]
المجتهد إذا اجتهد فغلب على ظنه الحكم فإنه يحكم بما ظهر له، ولم يجز له التقليد، والكلام على بعض الحالات التي قيل أن المجتهد يقلد فيها:
ذكر الشيخ أن المجتهد إذا اجتهد ولم يظهر له الحكم وجب عليه التوقف وجاز التقليد حينئذ لضرورة.
وعبارة الشيخ عامة في جواز التقليد للمجتهد في كل الحالات التي لم يظهر له فيها الحكم سواء أكان لتعارض الأدلة، أو لضيق الوقت، ونحو ذلك والراجح خلافه كما سيأتي.
ومن الحالات التي قيل فيها أن المجتهد أيضا يجوز له التقليد: قيل قبل أن يجتهد - وهو أهل له -، وعند العمل لا الإفتاء، وقيل يجوز أن يقلد من هو أعلم منه مطلقا، وقيل: من الصحابة دون من غيرهم.
قال ابن قدامة في "الروضة"(ص/٣٧٧): (المجتهد الذي صارت العلوم عنده حاصلة بالقوة القريبة من الفعل من غير حاجة إلى تعب كثير بحيث لو بحث عن المسألة ونظر في الأدلة استقل بها ولم يفتقر إلى تعلم من غيره فهذا المجتهد هل يجوز له تقليد غيره؟
قال أصحابنا ليس له تقليد مجتهد آخر مع ضيق الوقت ولا سعته لا فيما يخصه ولا فيما يفتي به لكن يجوز له أن ينقل للمستفتي مذهب الأئمة كأحمد والشافعي ولا يفتي من عند نفسه بتقليد غيره لأن تقليد من لا تثبت عصمته ولا تعلم إصابته حكم شرعي لا يثبت إلا بنص أو قياس ولا نص ولا قياس إذ المنصوص عليه العامي مع