للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قيد وتوضيحه:]

لا خلاف في أن المجتهد فيما هو مقطوع به مخطئ وآثم، إلا أن تقي الدين ابن تيمية خصَّ ذلك بما إن خفي الدليل القطعي فيكون حينئذ المجتهد معذورا.

قال في "المسودة" (ص/٤٤١): (ذكر أبو المعالي أن المسائل قسمان قطعية ومجتهد فيها والقطعية عقلية وسمعية فالعقلي ما أدرك بالعقل سواء كان لا يدرك الا به كوجود الصانع وتوحيده وكونه متكلما ... قال: أو كان مما يدرك بالعقل والسمع جميعا كمسألة الرؤية وخلق الأفعال، وأما الشرعية فما عرف من أحكام التكليف بنص كتاب، أو سنة متواترة، أو بإجماع كوجوب الصلوات وكتقديم خبر الواحد على القياس إذا كان نصا.

والمجتهدات ما ليس فيه دليل مقطوع به.

قلت: تضمن هذا أن ما يعلم بالاجتهاد لا يكون قطعيا قط، وليس الأمر كذلك فرب دليل خفى قطعي.

قال: وقد تكلموا في الفرق بين الأصول والفروع، فقيل: الأصل ما فيه دليل قطعي، والفرع بخلافه. فعند هؤلاء الأصل ما عددناه قطعيا، وعبر عنه القاضي بأن كل مسألة يحرم الخلاف فيها مع استقرار الشرع ويكون معتقد خلافها جاهلا فهي من الأصول عقلية كانت، أو شرعية، والفرع ما لا يحرم الخلاف فيه، أو ما لا يأثم المخطئ فيه.

قلت: كثير من مسائل الفروع قطعي، وإن كان فيها خلاف وإن كان لا يأثم المخطئ فيها لخفاء الدليل عليه كما قد سلمه فيما إذا خفى عليه النص).

وهذا فرض جدلي إذا أن المفترض أن الأدلة القطعية لا تخفى على المجتهد، إلا أنه يقال: إن خفى الدليل القطعي على المجتهد لسهو أو نسيان أو غفلة فهو معذور غير مخطئ، وعليه فاجتهاده في هذه الحالة إنما كان لعدم علمه بالدليل القطعي، فهذا على خلاف الأصل، وهذه الحالة لا ينقض بها الأصل العام من أنه لا اجتهاد في المسائل القطعية.

وباقي قيود التعريف سبق شرحها في حد الفقه.

<<  <   >  >>