ما كان عليه السلف الصالح إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة ").
وقال في "الشرح" (ص/٤٩٨) موضحا قول تقي الدين: (فهذا هو الإجماع الذي ينضبط، هو الذي يكون عليه السلف الصالح، والسلف الصالح هم: الصحابة والتابعون وتابعوهم يعني: القرون المفضلة الثلاثة.
وقوله: (إذ بعدهم كثر الخلاف وانتشرت الأمة) أي: بعد السلف الصالح كثر الاختلاف، وصار كل إنسانٍ يأتي بقولٍ ورأيٍ من عنده.
"وانتشرت الأمة": بمعنى تفرقت، لأن الممالك الإسلامية اتسعت بالفتوح، وحصلت فتن وحروب، فلا نكاد نجمع أقوال العلماء من أدنى الدولة الإِسلامية إلى أقصاها، فانتشرت الأمة ولا يمكن الإحاطة بقولها، فأما السلف الصالح فيمكن).
وهنا نرى أن الشيخ فسر السلف الصالح في كلام تقي الدين بالقرون الثلاثة المفضلة، ولتقي الدين كلاما آخر فيه تخصيص هذا العموم بالصحابة.
قال في " مجموع الفتاوى - (١١/ ٣٤١): (الإجماع متفق عليه بين عامة المسلمين من الفقهاء والصوفية وأهل الحديث والكلام وغيرهم في الجملة وأنكره بعض أهل البدع من المعتزلة والشيعة لكن المعلوم منه هو ما كان عليه الصحابة وأما ما بعد ذلك فتعذر العلم به غالبا ولهذا اختلف أهل العلم فيما يذكر من الإجماعات الحادثة بعد الصحابة واختلف في مسائل منه كإجماع التابعين على احد قولي الصحابة والإجماع الذي لم ينقرض عصر أهله حتى خالفهم بعضهم والإجماع السكوتي وغير ذلك).
وقال في منهاج السنة (٢/ ٦٠١): (ومذهب أهل السنة والجماعة مذهب قديم معروف قبل أن يخلق الله أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم ومن خالف ذلك كان مبتدعا عند أهل السنة والجماعة فإنهم متفقون على أن إجماع الصحابة حجة ومتنازعون في إجماع من بعدهم).
[تحرير مذهب شيخ الإسلام:]
سبق أن نقلنا أن الإجماع عند شيخ الإسلام ينقسم إلى إجماع قطعي، وظني، فالأول هو الذي ينضبط ولا ينعقد على خلاف نص، وهذا الذي يكفر مخالفه، وعند شيخ الإسلام أن هذا خاص بالصحابة، بخلاف الإجماع الاستقرائي، والإقراري فهذا