للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسأل عن ذلك. فقالوا: قد صلى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال: (من عرضت له الصلاة فليصل، وإلا فليمض، فإنما هلك أهل الكتاب لأنهم تتبعوا آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبيعًا).

ورأينا في مثل ذلك أن الفعل الجبلي الصرف لا يدل على الاستحباب مطلقاً بل يدل على الإباحة. وسواء أكان مما واظب عليه - صلى الله عليه وسلم - كما تقدم الترجيح فيه، أو مما لم يواظب عليه.

ورأينا قي ما نقل عن ابن عمر أنه فعل ذلك لا على سبيل التعبيد لله بذلك. أعني لا على سبيل أنه مستحب شرعاً وإنما فعله بداعي عظم المحبة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو يسلي نفسه، أو يستثير شوقه، بأن يعمل صورة ما عمل النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأما الذي يقتدي به في هذا فهو عمر رضي الله عنه، ثاني الراشدين، اللذين أمرنا أن نقتدي بسنتهم، وهذا من سنتهم.

[القسم الثاني: الفعل الذي له علاقة بالعبادة.]

وهو ما وقع في أثناء العبادة، أو في وسيلتها، أو قبلها قريبا منها، أو بعدها كذلك.

فمما وقع في أثناء العبادة نزوله - صلى الله عليه وسلم - بالمحصب ليلة النفر، وقبض الأصابع الثلاث في التشهد، ووضعها على الأرض مضمومة في السجود، وجلسة الاستراحة بعد الركعة الأولى وبعد الثالثة، والتطيب للإحلال من الإحرام، واتكاؤه - صلى الله عليه وسلم - أثناء الخطبة على قوس أو عصا، ولبس النعلين في الصلاة، يحتمل أنه فعله لكونه من سنة الصلاة، ويحتمل أنه فعله على سبيل الجواز فقط، كما يلبس في الصلاة قطنا أو صوفا أو غير ذلك.

ومما وقع في وسيلة العبادة دخوله مكة من طريق كُدَيّ، وخروجه من طريق كَدَاء ودخوله المسجد الحرام من باب بني شيبة، وطوافه - صلى الله عليه وسلم - بالبيت راكبا على بعير، وكذلك في السعي بين الصفا والمروة، ووقوفه في الموقف بعرفات على بعير، وعودته - صلى الله عليه وسلم - من صلاة العيد من طريق غير طريق الذهاب، وذهابه إلى العيد ورجوعه منه ماشيا، ووقوع صلاته في السفر في مواضع معينة.

<<  <   >  >>