للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من قال بعدم حجيته:]

وقد ذهب ابن عقيل إلى عدم حجية الإقرار من الله فقال في "كتاب الجدل" (ص/٥): (وتزيد السنة على الكتاب بقسمين يختصانها دون الكتاب: الفعل والإقرار على الفعل ... إقرار الله على ما يعلم قبحه لا يدل على التشريع؛ لأنه إنما أقر بتأخير المؤاخذة والإمهال عن المعالجة، وذلك لإقرار لا يجلب أن يكون ما (١) العاصي عليه شرعا ولا جائزا، مع أنه ما أقر مع النهي على ألسنة الرسل، فالرسل سفراء عنه في إنكار المفاسد والنهي عنها، والحث على المصالح المأمور بها).

ومما يدل على هذا القول ما رواه أحمد (٢) وغيره عن رفاعة بن رافع وكان عقبيا بدريا قال: (كنت عند عمر فقيل له: إن زيد بن ثابت يفتى الناس في المسجد، قال زهير في حديثه: الناس برأيه في الذي يجامع ولا ينزل. فقال: أعجل به، فأتى به فقال يا عدو نفسه، أو قد بلغت أن تفتى الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيك؟ قال: ما فعلت ولكن حدثني عمومتي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: أي عمومتك. قال: أبي بن كعب، قال زهير: وأبو أيوب، ورفاعة بن رافع، فالتفت إلى ما يقول هذا الفتى، وقال زهير: ما يقول هذا الغلام، فقلت: كنا نفعله في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فسألتم عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كنا نفعله على عهده فلم نغتسل، قال: فجمع الناس، واتفق الناس على أن الماء لا يكون إلا من الماء، إلا رجلين: علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، قالا: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، قال: فقال علي: يا أمير المؤمنين إن أعلم الناس بهذا أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إلى حفصة فقالت: لا علم لي، فأرسل إلى عائشة، فقالت: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل، قال فتحطم عمر - يعنى تغيظ - ثم قال: لا يبلغني أن أحدا فعله ولا يغسل إلا أنهكته عقوبة).

فقول عمر - رضي الله عنه -: (فسألتم عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم) ظاهر في أنه لم يعتبر إلا إقرار النبي إن علم بالأمر.


(١) كذا العبارة بالأصل والمعنى المراد واضح.
(٢) رواه أحمد في "مسنده" (٥/ ١١٥)، وصححه الأرناؤوط.

<<  <   >  >>