للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المازري في ' شرح البرهان '.

والسادس قاله الشيرازي وغيره: (فهم ما يدق). قاله أبو إسحاق الشيرازي في ' اللمع '، وصاحب ' اللباب ' من الحنفية، ومعناه لبعض أصحابنا، قال ابن هبيرة: (هو استخراج الغوامض والاطلاع عليها)، وهو أظهر؛ فإنه لا يقال: فقهت أن السماء فوقنا، ولا أن النار حارة، ونحو ذلك، ويقال: فقهت كلامك، وهذا يقتضي أن الفقه أخص من العلم. قال ابن مفلح - من أصحابنا - عن كلام ابن هبيرة: (ولعله مراد من أطلق).

والسابع: (التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد)، قاله الراغب. قال العسقلاني في ' شرح مختصر الطوفي ': (الفهم هيئة للنفس بها يتحقق معاني ما يحس، فالعلم إذن عنه، ومن ثم قيل: الفقه التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد، فهو أخص من العلم) انتهى).

والراجح أن الفقه لغة: الفهم مطلقا سواء أكان لما ظهر وبان، أو لما دق وخفي، والدليل على ذلك: مجيئه في الشرع مرادا به مطلق الفهم كما سبق في الآيات السابقة، وقوله تعالى: (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي. يَفْقَهُوا قَوْلِي) [طه: ٢٧، ٢٨] فقوله: (قَوْلِي) معرف بالإضافة فيشمل ما ظهر وما خفي من قوله (١).

وأما من قيده بالفهم الدقيق، وعلله بأنه يقال: فقهت معنى الكلام وفهمته، ولا يقال: فقهت السماء والأرض، وهذا مردود بما قاله أئمة اللغة: إن الفقه هو مطلق الفهم، وامتناع قولهم فقهت السماء والأرض إنما هو من ناحية أن الفقه يتعلق بالمعاني لا بالمحسوسات، والسماء والأرض من قبيل المحسوسات (٢).

[اصطلاحا:]

قال الشيخ: (واصطلاحاً: معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية).

قال الشيخ في شرح هذه العبارة: فالمراد بقولنا " معرفة " العلم والظن لأن إدراك الأحكام الفقيه قد يكون يقينَّيا وقد يكون ظنيًّا كما في كثير من مسائل الفقه.


(١) انظر: شرح الشيخ أحمد الحازمي على قواعد الأصول.
(٢) انظر: التقرير والتحبير (١/ ٢٧).

<<  <   >  >>