للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكد ذلك قوله في "الشرح الممتع" (٢/ ١٢٦): (وقوله: «ثقة»، الثِّقة هو: مَنْ يُوثق بقوله؛ لكونه مُكَلَّفاً صدوقاً.

أي: بالغاً عاقلاً لم يُعرف بالكذب، أو بالعجلة والتَّسرع).

والمعروف عن العلماء تفسير الثقة بأنه العدل الضابط، وهذا أعلى شروط قبول الرواية، ولكن الشيخ توسع في رسم أطر التوثيق لناقلي الإجماع.

وقد سبق لنا بيان أن مدار العدالة على الصدق، فوافقنا الشيخ في ذلك، ولله الفضل والمنة.

وكأن الشيخ بشرطه في كون ناقل الإجماع بألا يكون معروفا بالعجلة والتسرع: يشير إلى نحو ما اشترط في راوي الحديث بأن يكون ضابطا: بألا يكون ممن كثر، أو فحش خطأه.

ولكن ما هي حدود الحكم على ناقل الإجماع بأنه متعجل، أو متسرع:

إن تتبعنا الإجماعات المنقولة وجدنا أن غالبها أو أكثرها لم يصح فيها إجماع بل إن الخلاف فيها مشهورا بين العلماء فهنا نقول أن هذا الناقل للإجماع متعجل أو متسرع، وهذا يوجب التوقف فيما ينفرد بنقله من إجماعات حتى نعلم أنه ليس ثم خلاف في المسألة.

- وأما مسالة أنه يشترط أن يكون واسع الإطلاع - يعني بالمسألة التي نقل فيها الإجماع -.

ولعل مقصود الشيخ أن ينبه على مسألة ينبغي التفطن لها، وهي مراعاة اصطلاح ناقلي الإجماع، وذلك إما تصريحهم بمذهبهم، أو عن طريق تتبع ما ينقلوه من إجماعات، فالبعض يطلق الإجماع ويريد إجماع أهل مذهبه أو أهل بلده أو إجماع الأئمة الأربعة، ومنهم من لا يعتد بخلاف الظاهرية، ومنهم من يعتد بخلاف الزيدية، وغير ذلك من الاصطلاحات.

الشرط الثاني - قال الشيخ: (ألا يسبقه خلاف مستقر فإن سبقه ذلك فلا إجماع لأن الأقوال لا تبطل بموت قائليها، فالإجماع لا يرفع الخلاف السابق، وإنما يمنع من حدوث خلاف، هذا هو القول الراجح لقوة مأخذه وقيل لا يشترط ذلك فيصح أن ينعقد في العصر الثاني على أحد الأقوال السابقة ويكون حجة على من بعده).

<<  <   >  >>